منتدى قرية الدناقلة
DANAGLA CYBER COMMUNITY

جمهورية السودان
ولاية الجزيرة

مجتمع قرية الدناقلة الرقمي

أخي الزائر الكريم

اذا لم تكن مسجَّلا بعد في منتدى قرية الدناقلة, نرجو اكرامنا بالتسجيل و الانضمام الى أكبر تجمع رقمي لابناء قرية الدناقلة على الانترنت

اذا كنت مسجلا فعلا, ارجو الدخول و عدم حرماننا من رؤية اسمك على قائمة الأعضاء اذا واجهتك مشكلة ارسل رساله الى الهاتف 09117685213

ولك وافر الشكر و الامتنان

أسرة منتدى قرية الدناقلة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى قرية الدناقلة
DANAGLA CYBER COMMUNITY

جمهورية السودان
ولاية الجزيرة

مجتمع قرية الدناقلة الرقمي

أخي الزائر الكريم

اذا لم تكن مسجَّلا بعد في منتدى قرية الدناقلة, نرجو اكرامنا بالتسجيل و الانضمام الى أكبر تجمع رقمي لابناء قرية الدناقلة على الانترنت

اذا كنت مسجلا فعلا, ارجو الدخول و عدم حرماننا من رؤية اسمك على قائمة الأعضاء اذا واجهتك مشكلة ارسل رساله الى الهاتف 09117685213

ولك وافر الشكر و الامتنان

أسرة منتدى قرية الدناقلة
منتدى قرية الدناقلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

+5
وجدان
ابوعبيده بابكر محمد احمد
بنجور
ابو لين
ياسين مبارك الفاضل
9 مشترك

اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس يوليو 30, 2009 11:05 am


بسم الله الرحمن الرحيم
عودا ًعلى بدء ٍ مع " ذكريات ٍ في حياتي "
الجزء الثاني


كما ذكرت في بداية ذكرياتي كانت كل منازل القرية تقريبا ًً عبارة عن قطاطي من قش النال وكان أثاث كل بيت ٍ بسيطا ً ومتواضعا ً جدا ً إذ لم يكن في القطية سوى بعض " العناقريب ", ومفردها " عنقريب " للجلوس والنوم عليها مع بعض الألحفة لميسوري الحال . لم تكن هنالك دواليب لحفظ الملابس , وكانت الملابس على قلتها تُعلَّق على حبل ٍ بداخل القطية . كما كانت هنالك بعض"البروش " بدلا ً عن الألحفة.

بالإضافة إلى العناقريب فقد كان بقطية المعايش صندوق ٌ خشبيٌ مُزيَّنٌ ذو ألوان ٍ جذابة ٍ تُحفظ به المستندات الهامة وبعض المواد الغذائية كالزيت والملح والشاي والبن والسكر والتوابل والبهارات الناشفة من شطة ٍ حمراء وفلفل ٍ أسودٍ وكمون أخضر ٍ وشمار ٍ وكسبرة ٍإلى جانب البصل . وكان يطلق على ذلك الصندوق محليا إسم "سحَّارة " . وما كنا نخاف ونخشى من تسميته هذه بقدر ما كنا نخاف من كلمة "سحَّار " التي هي أشبه إلى كلمة " بعاتي " أو ذلك المارد الذي يخرج من النهر ويتخبأ وسط نباتات "الجوير" على ضفاف النهر .

لم تكن هنالك كهرباء ولا تلك الثلاجات التي تعمل بالجاز . وكان طعام اليوم ينفذ بيومه , وإن تبقى شيءٌ كإدامٍ أو حليب ٍ أو لبن ٍ رائب ٍفيوضع على ما يُسمَّى بـ"مشلعيب " وهو عبارة عن حبال ٍ أقرب إلى شكل الشبكة تُعلَّق عل سقف القطية وتتدلى على بُعد ٍ لا يصل إليه كلب ٌ أو قط ًٌ . لذا بعض الناس كان يحلو لهم تسمية ذلك " المشلعيب " ( دواء كلب- أو- دواء كديس ). و " الكديس " بالعامية السودانية تعني "قط".

أما اللحم الفائض وخاصة ً فخذة اللحم البقري أي ما يُسمًَّى محليَّا ً بـ " شرموط " فيقطَّع إلى شرائحٍَ طويلة ٍ وتعلَّق بحبل داخل القطية إلى أن تجف تلك الشرائح وتُستعمل بعد ذلك لعمل ملاح الشرموط الأبيض والأحمر – كما يحلو للبعض شواء تلك الشرائح الجافة وهو ما يعرف قديما ً عند العرب بـ " القديد " حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دالا ً على تواضعه وبساطته " أنا ابن امرأة ٍ كانت تأكل القديد " .

عندما تغرب الشمس لا تسمع في القرية إلا ثغاء الأغنام وهي عائدة ٍ من المرعى والكل يكون في تحوِّط ٍ شديد ٍ حتى لا تقوم صغارها برضعها قبل حلبها .
وبما أن الأطفال يكونون في لعب ٍ وحركة ٍ دءوبة ٍ طوال النهار فهم ينامون مبكرا ً بعد المغرب مباشرة ً أو بعده بقليل ٍ لذا تجد ذويهم حريصين على تقديم وجبة العشاء لهم قبل أن ينامون . وقليل ٌ جدا ً من الأطفال من يبقى صاحيا ً إلى ما بعد العِشاء.

لم تكن هنالك وسائل ٌ للتسلية والترويح للأطفال بالقرى سوى الأحاجي السودانية القديمة الخيالية التي توارثتها الأجيال والتي غالبا ً ما تحكيها الجدَّات بصورة ٍ مشوِّقةٍ ومثيرةٍ . كما كانت هنالك أيضا ما يشبه الفوازير والألغاز التي تُقال للأطفال ويطلب منهم معرفتها .
لم يكن الراديو قد انتشر وعمَّ المدن والقرى لحداثة اختراعه . كان ذلك في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات في أواخر حقبة الاستعمار البريطاني بالسودان . وحين وصلت أجهزته للسودان كانت مصدر دَهشة ٍ وحيرة ٍ ! كان الكل يتعجب كيف يتكلم الناس فيه – وكان الكثير منهم يعتقد أنهم بداخل ذلك الجهاز . كانت نساء حيّنا يأتين للاستماع إلى برنامج الأسرة مساء ً خارج نادي الحي الذي أصبح الآن منزلا ً ومقرا ً لأخي الأصغر الصادق أطال الله عمره .

ومن الطرائف التي تُحكي في ذلك الأوان أن أمَّا ً دخلت على ابنها الشاب مساء ً وهو يستمع إلى برنامج ٍ في الإذاعة فما كان منها إلا أن قالت " يا ولدي الوقت تأخَّر – عشِّي جماعتك ديل " ! .
ولعدم وجود الكهرباء في أكثر المدن وكل القرى , كانت أجهزة الراديو تعمل ببطاريات ٍ أشبه في شكلها ببطاريات السيارات حاليا ً . وكان يتم تعبئتها وشحنها كلما فرُغَت .

أذكر في سنوات ٍ لاحقة ٍ عندما كنا بمدينة رفاعة في أواسط الخمسينيات وبداية استقلال السودان , اشترى والدي جهاز راديو وكان كلما انخفض صوت الراديو أقوم بصب ماء ٍ في البطارية عن طريق الفتحات التي تُدخل فيها صوابع سلك الراديو , وكان يرتفع صوته لأيام ٍ ثم ينخفض بعد ذلك .

كان أوّل من أدخل الراديو بقرية الدناقلة " أحمد العوض" الملقّب بـ " الزرعي " عليه رحمة الله – لكن أوّل جهاز راديو شاهدته بالقرية وقبل دخولي المدرسة الأولية كان للعم حسن إبراهيم أطال الله عمره , وكان كروي الشكل . ثم عمَّت أجهزة الراديو بعد ذلك في المقاهي والأندية اوّلا ً ثم بعد ذلك في البيوت .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 2:12 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الجمعة يوليو 31, 2009 4:13 pm

لم يكن هنالك ما يُعرف حاليا ً بالمسجلات والأشرطة , بل ظهر ما يُسمى "الفونوغراف"ربما في العاصمة الخرطوم فقط عند طبقة الأثرياء وكان للفونوغراف هذا اسطوانات دائرية كبيرة – ولم أره إن لم تخني الذاكرة إلا وأنا في المرحلة الوسطى عند الأخ عبد الله بابكر محمد علي أمد َّ الله في عمره , وغلب على ذلك الجهاز في تلك الأيام اسم ال " بِكْ أَبْ –" Pick up .

أما السينما فلم تكن معروفة ً إلا َّ في عواصم المديريات ولم أشاهدها إلا بعد تشييدها برفاعة في أواسط الستينيات عندما كنت بالمرحلة الثَّانوية ولقد كان الناس ولهين بها يرتادونها بعد غروب الشمس لمشاهدة الأفلام الغربية والهندية والمصرية . وقد شن َّ الشيخ " صديق الأزهري " إمام المسجد الكبير بمدينة رفاعة هجوما شديدا ً على السينما في خطب يوم الجمعة حيث كان يقول "السينما سوء ٌ نما " كما كان يهاجم كرة القدم بقوله "كرة القدم ندم".

أما جهاز التلفزيون فحدِّث ولا حرج . فقد كنت أسمع به في نهاية الستينيات دون أن أعرف كنهه ولم أشاهده إلا بعد دخولي جامعة الخرطوم في أواسط عام 1968م بمقر دار الإتحاد .ولقد كنا نُتابع سهرات ٍ غنائية ً يقدمها المذيع متوكل كمال ثم فيما بعد فريد عبد الوهاب .
وإن كان الراديو قد حيَّر الناس وأدهشهم عند ظهوره , فقد فاقت حيرة الناس ودهشتهم عند رؤيتهم لجهاز التلفزيون الذي ينقل الصوت والصورة حيَّة ً على الهواء . ولقد كان الإرسال أسودا ً وأبيضا ً ولم تظهر التلفزيونات الملوَّنة – التي سحرت الناس إلا في نهاية السبعينات . وكان أول مرة شاهدت فيها تلفزيونا ً ملونا ًبمدني قبل ميلاد ابنتي الأولى رحيق في نهاية عام 1978م . وقد بهر التلفزيون الملوَّن الناس وأصبح التلفزيون الأسود والأبيض لا طعم له ولا يرغبه أحد ٌ .
وبعد ظهور التلفزيون الملوَّن فقد تراجع الوله على السينمات وصار لا يرتادها إلا الشماسة والقليل جداَّ من عامة الناس .

من الأشياء التي كنا نتسلَّى بها نهارا ً أيام الطفولة ما يُسمى بـ " البلِّى " . في بداية حياتنا كنا نصنع كُرات ٍ صغيرة ً "ضَرَّابات " تُصنع من الطين ثم تُحرق لتصير صلبة ً قوية ً . وكان للعم حسن بابكر أطال الله عمره بليَّة ٌ كبيرة ٌ من ذلك النوع كان يُطلق عليها اسما ً مخيفا ً هو "الهيرولة " وكان عندما يأتي للعب معنا بضرَّابه ينادي بصوت ٍ عال ٍ" الهيرولة جاتكم " . ثم فيما بعد تطور " بلِّي " الطين المحروق إلى " البلِّي " الزجاجي الذي يُشترى من الدكاكين .

كما كنا نتسلى بـ " التلفون " المكوَّن من خيط ٍ طويل ٍ وعلبتين فارغتين تُثقبان ويُربط طرفا الخيط بداخلهما. يضع الواحد منا علبة على فمه ويتكلَّم والآخر يضع العلبة الأخرى على أذنه ويستمع – وكان الصوت يصل واضحا ً عبر ذلك الخيط الطويل . والفكرة مأخوذة مما قاله العارف بالله الشيخ " فرح ود تكتوك" الذي عاش في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث قال " آخر الزمان يكون السفر بالبيوت والكلام بالخيوط " ويعني " السفر بالبيوت " أي بالقطارات والبواخر و البصَّا ت والسيارات , أما " الكلام بالخيوط " فيعني به " التلفون " الهاتف.

وكُنَّا نتسلى بخيط ٍ يُعقد طرفاه مع بعض ٍ ثم نضعه على أصابع اليدين وهما مفترقتان عن بعض ٍ ونصنع منه أشكالا ً أذكر منها " الشبكة و " أرجل البطَّة " و" السروال " .
وفي أواخر حصاد الذرة كنا نصنع من نبات " المغريب "مدافع في حجم أقلام الرصاص لقتل الذباب . ونستعمل مكبسا ً لدفع حبات الويكة الطريَّة التي تستعمل كبارود ٍ .أحيانا ً تكون الطلقات قوية ً جدا ً بحيث يخرج دخانا ً وقد تكون الطلقات ضعيفة ً فاسدة ً .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 2:32 pm عدل 2 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الجمعة يوليو 31, 2009 5:49 pm

وفي أواخر الخريف كنا نصنع مزامير من القصب الجاف يطلق على المزمار الواحد إسم "أم بِلَّيل " ويعزف عليها الصغار والكبار وتصدر أنغاما ً حنينة ً شجية ً مطربة ً .
من الألعاب التي كُنَّا نمارسها مساء ً في الليالي المقمرة لُعبة " شليل وينو ؟ - أكلُو الدودو " وهي أن يرمي أحد الأطفال عظما ًإلى أعلى في الفضاء ويقوم الآخرون بالبحث عنه .
كما كُنَّا نلعب أيضا ً لُعبة " هُولبْ لَب ْ " وهي أن يجلس أحد الأطفال لوحده على مسافة ٍ بعيدة ٍ ويجلس الآخرون سويا ً في مكان ٍ آخر ٍ . يكتب الطفل المنفرد رقما ً على الأرض من صفر إلى عشرة ثم ينادي لرفاقه "هُولبْ لَبْ , كم في الخط ؟ْ " فيختار كل طفل رقما ً قائلا ً : " أمانة عليك , تقطع إضنيك ما خمسة ؟ " فإن كان اختياره خاطئا ً يرد عليه "كضبا ً , كاضب " - ثم يكون الدور لمن بعده مردِّدا ً نفس العبارة . و على نفس المنهاج يأتي الدور لطفل ٍ ثالث ٍ , فإن كان إختياره صحيحا ً رد َّ عليه الطفل المنفرد " شِد ْ و اركب " فيحاول الأطفال الذين معه أن يجروا بسرعة ٍ إلى مكان زميلهم المنفرد ويحاول الطفل ذو الإختيار الموفَّق أن يمسك بأحدهم ويركب على ظهره إلى أن يصل إلى "الميس" وهو المكان الذي يجلس فيه ذلك الطفل المنفرد - ثم تبدأ اللعبة من جديد . لكن هذه المرة يكون المنادي الطفل ذو الإختيار الصحيح . وأود أن أوضح أنَّ كلمة " إضنيك " بالعامية السودانية تعني "أُذنيك " وأن َّ عبارة " كضبا ً , كاضب " تعني " كذبا ً , كاذب " .

ومن الألعاب التي كنا نمارسها في الليالي المقمرة لعبة " الفات الفات بي ليلو " وهي أن يجلس الأطفال في حلقة ٍ كبيرة ٍ- ثم يقوم أحدهم ويدور حول الحلقة حاملا ً " عرَّاقي " في يديه وينادي منشدا ً" الفات الفات بي ليلو " ويكمل العبارة رفاقه الجالسون " سبعة لفات بي ليلو " ثم يقول وهو يدور أيضا ً " الجبَّة وقعت في البير " ويكمل العبارة رفاقه "صاحبها واحد خنزير " ثم يقول "الهول " فيكمل رفاقه " ضرب التلفون " ثم يقول "العسكر " فيكمل رفاقه " واقف طابور " ويستمر يدور على هذا المنوال . وفي لحظة غفلة ٍ يضع العرَّاقي الذي يحمله خلف أحد الأطفال - فإن أحس الطفل بأن العرَّاقي وضع خلفه , أخذه وجرى به ليضربه به قبل أن يصل إلى المكان الذي كان يجلس فيه ( أعني مكان الطفل الثاني ) وإن لم يحس بأن "العرَّاقي " قد وُضع خلفه واكتملت الدورة أخذه الذي يدور ويضربه به فيفر ُّ هربا ً من الضرب إلى أن تكتمل الدورة ويرجع إلى مكانه الخالي .
في الحالة الأولى لمن أحس َّ بأن " العرَّاقي " قد وُضع خلفه يأتيه دوْر من يدور على الحلقة - وإن لم يحس به كما في الحالة الثانية يستمر الأول في دورة ٍ ثانية ٍ .وهذه اللعبة تحتاج إلى انتباه ٍ شديدٍ وذكاء ٍ ويكون ضحيتها الغافل من الجانبين .

ومن الألعاب التي ظهرت مؤخرا ً لعبة " دَسْ - دَسْ " المماثلة للعبة الإنجليزية Hide and seek وهي أن يختبئ أحد الأطفال في مكان ٍ غير معروف ٍ ويقوم الآخرون بالبحث عنه . وهذه اللعبة يلعبها كل ٌ من الأولاد والبنات . كما كانت البنات يلعبن بـ " بت أم لعاب " وهي عروسٌ من قماش ٍ .

أما اللعبة المشهورة عند البنات في ذلك الأوان فهي لعبة " الكار " , وهي عدد ٌ كبير ٌ من الحصى . عدد ٌ من البنات يجلسن حول هذا الحصى - تبدأ الأولى بقذف حصى إلى أعلى وتحاول أن تأخذ مجموعة ً من الحصى الذي أمامها بيدها اليمنى بحيث تسقط الحصاة المقذوفة على يدها التي أخذت بها ذلك الحصى فإن وُفَّقت استمرت في اللعبة وإن سقطت منها الحصوة المقذوفة ُ ذهب الدور إلى غيرها وهكذا . وفي نهاية المطاف تحسب كل بنت ٍ عدد الحصوات التي حصلت عليها .

وفي وقت ٍ متأخر ٍ ظهرت عند البنات لعبة " بُرْبُرَة " وهي عبارة عن عمل مستطيل ٍ مخططٍ على الأرض يُقسَّم إلى عدة مستطيلات ٍ صغيرة ٍ - ثم تُوضع قطعة ٌ من الفخَّار خارج المستطيل الكبير وتقوم كل بنت باللعب رافعة ً رجلها اليسرى وتحاول ضرب قطعة الفخَّار بقدم الرجل اليمنى بحيث تنتقل إلى المستطيل الأوَّل الصغير ثم بعد ذلك إلى الثاني ثم الثالث ثم إلى نهاية المطاف - وإن هي أخفقت في أي مرحلة ٍ يأتي الدور إلى واحدة ٍ أخرى .

لم تكن هنالك مراجيح ومزالج ليلعب بها الصغار - لذا كُنَّا نستعمل حبلا ً قويا ً يُربط طرفاه بأعلى الراكوبة ويكون متدليا ً بحيث يجلس عليه أحد الأطفال ويقوم آخر ٌ بدفعه من ظهره إلى أعلى ويصير الطفل متأرجحا ً لمدة ٍ طويلةٍ وهو في نشوة ٍ وفرح ٍ عظيم . ثم ينزل من الحبل ويأتي الدور إلى طفل ٍ آخر ٍ- وكانت هذه اللعبة تمارسها البنات أيضا ً وقد تكون مختلطة ً بين الأولاد والبنات في براءة ٍتامة ٍ .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 2:50 pm عدل 3 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ابو لين الجمعة يوليو 31, 2009 5:57 pm

الله اديك الصحة والعافية استاذ يا سين

وصفك لهذه الذكريات يجعل القارى كالمشاهد تماما , اتمنى لا ينقطع هذا الحبل الجميل من
(ذكريات فى حياتى)
ابو لين
ابو لين
المدير المالى

عدد الرسائل : 2821
بلد الإقامة : السودان
الإسم الكامل : احمد صالح احمد على
نقاط : 8904
تاريخ التسجيل : 06/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكـر لك

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل السبت أغسطس 01, 2009 5:18 pm

عزيزي أحمد صالح أحمد علي

أشكرك على الإشادة وأعدك بمواصلة المشوار .

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف بنجور السبت أغسطس 01, 2009 5:30 pm

اطال الله عمرك ومتعك بالصحه والعافيه
عمنا واستاذنا ياسين مبارك الفاضل
وانت تتحفنا وتشدنا بهذه الذكريات الجميله
المشوقه
لك التحيه والتجله والاحترام
بنجور
بنجور
مشرف القسم الإجتماعي

عدد الرسائل : 1560
بلد الإقامة : مدنى اركويت
الإسم الكامل : منير محمد احمد محمد صالح
نقاط : 7245
تاريخ التسجيل : 25/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل السبت أغسطس 01, 2009 6:36 pm

من الألعاب التي كانت تمارس أيام الطفولة لعبة " الترتار " وهو إطار ٌمن حديد ٍ دائري ٍ رفيع ٍ يدفعه الطفل أمامه بعصا من السلك الرفيع . كما كانت هنالك لعبة العربات التي تصنع من الحديد ويسحبها الطفل من خلفه بخيط ٍ أو يدفعها أمامه بعصا من سلك . وقد تطوَّر "الترتار" في وقت ٍ متأخر ٍ وأصبح عبارة عن كفرات سيارة ( أعني لساتك سيارات ) يدفعها الطفل إلى الأمام بيديه .
وقد كُنَّا نقلِّد العبور إلى الضفة الغربية إلى النهر بالجلوس على قطع ٍ من حديد الصفائح ونزحف بها للأمام في سباق ٍ محموم ٍ . كما كنا نلعب ونحن جُلوسٌ ما يُسمَّى بـ " مصارعة الدَّيَكة "وهي اللعب بريش الدجاج القصير ذي الألوان الجذَّابة بحيث تُثبَّت على قاعدة ٍ من طين ٍ وتُترك إلى أن تجف - ويسمى الواحد منها " ديكا ً ". يحمل أحد الأطفال كل ديوك الآخرين مع ديكه ويقوم بقذفها إلى أعلى بحيث يستقر ويسقط كل ديك ٍ على قاعدته أرضا ً دون أن يسقط على جنب ٍ . ويستمر اللعب إلى أن تنجلي المصارعة على ديك ٍ واحد ٍ يبقى صامدا ً إلى النهاية دون أن يسقط على جنبٍ .

أما الألعاب التي ما كان يقدر عليها الأطفال إلا بعد أن يكبروا ويقوى عودهم فهي "شدَّت ْ" ويسميها البعض " العيتنوبة " وهي أن يمسك كل واحدٍ رجله اليُمنى بيده اليسرى ويظل يقفز على رجله اليسرى - كل ٌ مبتعدٌ عن الآخر حتى لا يٌوقَع أو تُفَك قبضته , وتستمر زمنا ً طويلا ً , كل ٌ حذر ٌ ومتيقظ ٌ , إلى أن يرسو الأمر لمن يبقى صامدا ً أخيرا ً.
ومن لعبة " شدَّت - أو - العيتنوبة " هذه جاءت لعبة " سم ْ القيد " في وقت ٍ لاحق ٍ متأخر ٍ وهي أشبه بلعبة " بُربُرة " التي تمارسها البنات غير أن الطفل هنا يكون ممسكا ً رجله اليُمنى بيده اليسرى ويقفز على رجله اليسرى من مستطيل ٍ
إلى مستطيل ٍ دون أن يدفع بقطعة فخار ٍللأمام .
لعبة " شدَّت - او - العيتنوبة " تُمارس مساء ً في الليالي المقمرة أما الأخيرة التي اشتُقَّت منها فكانت تُمارس صباحا ً أو عصرا ً لا مساء ً .

أما لعبتا " حرَّت " و" الرِّمَّة وحرَّاسها " دون التطرق إلى شرحها أو سرد تفاصيلها فقد كانت من الألعاب العنيفة التي لا يقدر عليها الأطفال ولا يمارسها إلا من قوى عوده أو وصل إلى مرحلة البلوغ .

أما من ألعاب الكُرات فكانت اللعبة السائدة هي "التِّيوة " وهي ما يشبه لعبة " الكركِت ْ " Cricket الآن , إلا َّ أن كرتها مصنوعة ٌ من " الدَّلاقين " أي قطع الأقمشة القديمة , ومضربها من الخشب البلدي - ولعبة "التِّيوة " هذه كان يمارسها الكبار والصغار وهي من الألعاب الشِّيَّقة والممتعة التي تُلعب عصرا ً أو مساء ً .
لم تكن لعبات كرة القدم والسلَّة والطائرة واليد والتنس معروفة ً أو منتشرة ً في ذلك الأوان خاصة ً في القرى والأقاليم , لكن في وقت ٍ لاحق ٍ بعد أن كبرنا والتحقنا بالمدرسة الأوّلية صرنا نلعب بكرة "الشُّرَاب " التي عمت القرى والمدن بعد أن عرف الناس لعبة كرة القدم .
وكرة "الشُّرَاب " عبارة عن جورب ٍ يُحشى " بدلاقين " ويُلعب بها كما تُلعب كرة القدم . سواء ٌ في السودان أو في دول العالم الأخرى ,مثالا ً لذلك لاعب البرازيل الأسطورة الملقَّب بـ " الجوهرة السوداء " " بيليه " .

من ألعاب الورق " الكتشينة " التي كان يمارسها كبار السن والصبيان ما يُسمى بـ " عشرة طيبة " والتي كان يسميها البعض " خَمْ الولد " أو " كَش ْ الولد " وكانت هي اللعبة السائدة - كما كان هنالك لعبة " شلَّعت " والبَصْرَة " و" حكم الشايب " . كما ظهرت في وقت ٍلاحق ٍ لعبتنا " الوِسْت ْ " و "الكونكان " التي تسمى أيضا ً (14) والتي تحوَّلت في الوقت الحاضر بما يُسمَّى بـ " الحريق " التي ليست بها زمالة كما في لعبة " الكونكان " ال(14) و في لعبة " الوست " التي ظهر على نهجها في وقت ٍ متأخر ٍ لعبة " الهارت " Heart ولعبة " الكنق اوف هارت " King of heartٍاللتان تُلعبان من غير زمالة ٍ .

أما الألعاب العامية الشعبية فقد كان الكبار يمارسون لعبة " السيجة " و لعبة "صفرجت " بحيث يقومون بعمل حفر ٍ صغير ة ٍ على الأرض أو على كوم ترابٍ ويستعملون بعض الحصى تُوضع على هذه الحفر وتُحرَّك من حفرة ٍ إلى أخرى . كما كانت تُلعب لعبة " مليص " وهي أن يعقد الشخص خيط " دبارة " أو أي خيط ٍ مقوَّى ثم يدفن العقدة وجزءاً من ذلك الخيط في تراب ويحاول كل واحد أن يضع عودا ً كالقلم مكان العقدة بحيث ينشبك العود في العقدة ثم يُسحب الخيط من طرفه الأعلى . ويكون الفائز من انشبك عوده في تلك العقدة . لكن في أغلب الأحيان يفشل الجميع ولا يوفَّق أحد ٌ . وقد استغل َّ هذه اللعبة بعض المحتالين في ابتزاز البسطاء وأخذ أموالهم بإغرائهم في المرَّة الأولى ثم يكون الفشل المتكرِّر في المَّرات التي تليها .

ومن الألعاب التي يتسلى بها الشباب المشي عاليا ً على قناتين من خشب ٍ وتسمى هذه اللعبة "التَّكُوج " Walk high .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 3:08 pm عدل 2 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكر لك

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل السبت أغسطس 01, 2009 6:42 pm

الابن منير

أشكرك على الإشادة وعلى كلماتك الجميلة الرائعة

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الأحد أغسطس 02, 2009 10:30 pm

أما النساء فكن يتسلْيَّن بـ " الوَدِع ْ " وهي أصداف ٌ بيضاء تكشكشها متخصِّصة ٌ وخبيرة ٌ في يدها ثم تضعها أرضا ً , وتخبر كل واحدة ٍ بما سيأتيها والخير القادم إليها ويكون ذلك عادة ً عند اجتماعهن لشرب القهوة أو عند مُشاطة إحداهن .
ولقد كانت تُعرف تلك الخبيرة والمتخصصة بـ " الودَّاعية " ولقد كان للفنان المرحوم سيِّد خليفة مطلع أغنية في هذا الشأن تقول : " ست الودع أرمي الودع لي ْ كشكشي " .

من الأنشطة والأعمال اليدوية التي كانت تمارسها بعض النساء في ذلك الأوان إلى جانب "الوَرْدَة" و "الفَزْعَة" صناعة " البروش " و " الرِّيَك " جَمْع ريكة , والأطباق من الزعف . كما كانت بعض النساء يغزلن القطن ويصنعن خيوطا ً يقمن ببيعها للنسَّاجين - ويتم الغَزْل وعمل الخيوط هذا بآلة ٍ يدوية ٍ خفيفة ٍ رفيعة ٍ تُسمَّى " مُترار " - كما كُنَّ يقمن بصبغة بعض الملابس . وكانت بعض النساء يمتهن َّ مهنة المشاط وتُسمَّى الواحدة منهنَّ "مشَّاطة" مقابل أن يهيأ للواحدة وجبة فطور ٍ وغداء ٍ فاخرة ٍ ودسمة ٍ . وكانت "بنت الكابس" هي مشاَّطة أمي في رفاعة .
وبمناسبة " المُشاط " هذه فإني أقول في حياء ٍ شديد ٍ أن كثيرا ً من النساء كان يوجد بشعورهن القمل و "الصُّوَاب" أي " بيض القمل " كما كان يوجد في شعور الرجال والأولاد . وكان يوجد القمل أيضا ً في الملابس , وذلك لقلَّة النظافة في ذلك الأوان - وكانت كل امرأة ٍ تقوم بـ " فِلايَة ْ " الأخرى أي تنظيف شعرها من القمل و " الصُّوَاب " . ويُقال لمن به قمل " مقمِّل " وأيضا ً " العناقريب " التي تنسج بالحبال كانت مليئة ً بـ"المرغوت" وهو ما يُعرف عند العرب بـ " البراغيث " . وهي حشرات ٌ أشبه بالقمل حيث كان العرب قديما ً يقولون " أكلتني البراغيث " - والبراغيث أكثر إزعاجا ً عند النوم من البعوض حيث تأكل لحم الإنسان أكلا ً. وما كان يبيدها إلا َّ حملات الرش المنتظمة التي كانت تعم القرى والمدن والتي كان يُستعمل فيها بودرة " الجمكسين " التي عُرفت بـ"D.D.T" حيث كانت البودرة تُذاب في الماء ويُرش بها البيوت والأثاث المتواضع البسيط , بما في ذلك " عناقريب القِد ْ " وهي العناقريب المنسوجة بجلد البقر وهي عالية ولها أرجل ٌ مُزيَّنة ٌ وتُعتبر من أفخر الأثاث .

من الأعمال التي كانت تمارسها " بالبِلْدَات " بعض كبار السن من النساء في أواخر موسم الخريف قطع الويكة الخلوَّية المشابهة للبامية وهي خضراء قبل أن تجف أو تصبح قاسية ً والتي تُسمَّى في هذه الحالة " كايوق " . ومن الويكة الخضراء يُصنع مُلاح " أم بق بق " المشابه لملاح البامية المفروكة .
عندما تجني النساء الويكة وهي خضراء يقمن بتقطيعها إلى شرلئح صغيرة ٍ ويدعنها إلى أن تجف تماما ً ثم تُسحن و تُطحن على " فندك " وتصير في شكل بودرة ٍ جاهزة ٍ للإستعمال .

وكانت النساء يقمن أيضا ً بجني اللوبيا العدسية بالجروف عندما تجف - أما عندما تكون خضراء يُمكن أن يقطف بعضا ً منها ويُصنع منها بليلة تُسمَّى " أم كُشُك ْ " حيث تُغلى بغلافها و يُضاف إليها مسحوق الملح . لكن عندما تكون جافة ً يُزال غلافها وتغلى حبوبها وتُسمى " بليلة عَدَسيِّة " - ثم تُدرش حبوبها ويصنع منها ملاح لوبيا عدسية . وفي مراحل لاحقة صار يُصنع منها " طعمية " - كما كُنَّا نأكل " اللِّبَة " وهو الحليب المغلي للحيوانات حديثة الولادة وهو كالجبنة المفتتة .

وكان يُجنى من الجروف أيضا ً " لوبيا عفن " التي يستفاد من أوراقها وعروقها علفاً للبهائم ويُصنع من حبوبها بليلة ً أو إداما ً . كما كان يُجنى " عيش الريف " أي الذرة الشَّامية بعد أن يستوي وينضج لكن قبل أن يجف ثُم َّ تُشوى سنابله على الجمر وتؤكل . وعندما يجف تُغلى حبوبه كبليلة ٍ كما كان يُغلى الدخن والذرة كبليلة ٍ أيضا ً .

وكذلك كانت تقطع أوراق خضار " الورق " وهو مشابه لخضار " السبانخ " حيث يصنع كإدام ٍ ويُضاف إليه " الشَّبت " الذي يعطيه نكهة ً ولِذَّة ً . و " الشَّبت " هذا أيضا ً يضاف إلى ملاح الملوخية المفروكة والبامية المفروكة . أما ثمر خضار " الورق " المُسمَّى "النرمط" بالنون المعطشة كما في الكلمة التي يستعملها الطفل الصغير عندما يريد أكلاً "نانا" . و"النرمط" مشابه لثمر الفاصوليا و يؤكل أخضرا ً دون أن يُطبخ . وكان البعض يصنع ملاح " السبروق " وهو عبارة عن أوراق البامية التي تُفرك .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 3:14 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ابوعبيده بابكر محمد احمد الإثنين أغسطس 03, 2009 5:55 am

الشكر لك العم العزيز ياسين مبا رك الفاضل على هذه الذكريات الجميله وحقيقة
تعرفت من خلالها على اشياء لم اكن اعرفها من قبل ونرجوا ان يتواصل هذا الالق
الجميل وادعوا جميع الشباب بالاطلاع على هذه الذكزيات . ولك اجزل الشكر العم ياسين مبارك .

ابوعبيده بابكر محمد احمد
عضو نشيط

عدد الرسائل : 38
بلد الإقامة : السودان
الإسم الكامل : ابوعبيده بابكر محمد احمد صديق
نقاط : 5722
تاريخ التسجيل : 17/03/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف وجدان الإثنين أغسطس 03, 2009 8:19 am

شكراً على هذه الإطلالة الجميلة والذكريات الحلوة واتمنى أن تتحفنا وتعايشنا بها كل مرة

وجدان
عضو فعال

عدد الرسائل : 92
بلد الإقامة : السودان
الإسم الكامل : وجدان عبد الرحمن العاقب
نقاط : 5797
تاريخ التسجيل : 01/04/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكـر لكم

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الثلاثاء أغسطس 04, 2009 1:48 pm

أعزائي : أبو عبيدة بابكر و وجدان عبد الرحمن

أشكركما على إشادتكما بذكرياتي , وأعدكما بالإستمرار فيها ما دمت حيا ً ...

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الثلاثاء أغسطس 04, 2009 1:53 pm

أما عمل النساء الأساسي في البيوت فهو إعداد الطعام حيث كن يقمن بـ " عُواسة " الكسرة الرهيفة على الدُّوكة المصنوعة من الفخَّار او على الصَّاج أي " الطَّاجن " وهي تُصنع من الذرة الذي تطحنه النساء على " المرحاكة " أي الرحى وهو مبتل ٌ ويصير عجينا ً وذلك لعدم وجود الطواحين في ذلك الزمان لا سيَّما في القرى والأقاليم .
تُستعمل في عُواسة الكسرة الرهيفة بما يُسمَّى بـ " القرقريبة " التي تُصنع من الزَّعف المقوَّى – كما كن يقمن بعُواسة اللُّقمة والتي تُسمَّى أيضا ً " العصيدة " على الدُّوكة ويُستعمل في عواستها " الكُنُش " و " المُغرافة " المصنوعان من الخشب .

أما أشهر الملحات " الإدامات " التي يقمن بتجهيزها :-
المفروك منها كالملوخية المفروكة والبامية المفروكة وأم بق بق وملاح الورق وملاح اللوبيا العدسية الأبيض منها والأحمر أي " المكشَّن " وذلك الذي تُضاف إليه الصلصة . بالإضافة إلى ملاح اللوبيا البيضاء – كما كُنَّ يخلطن اللوبيا العدسية مع ملاح الملوخية المفروكة. وكان الناس يستمتعون كثيرا ًبأكل الإدامات المفروكة هذه وينسفون مخزون المطامير الممتلئة بعيش الذرة نسفا ًقبل أن يأتي موسم الحصاد القادم

أما الملحات " الإدامات " غير المفروكة فقد كان يُصنع مُلاح الروب وملاح اللبن بالويكة . وأعني باللبن هنا الحليب وليس الرائب . كما كان يُصنع ملاح " الويكاب " من القصب المحروق في بداية الأمر ثم تطوَّر فيما بعد وأصبح يُشترى ما يُسمَّى بـ" الويكاب "الجاهز".

ويُصنع من الشرموط المجفّف المطحون أو المسحون ملاح " شرموط أبيض " بالفلفل الأسود أو الثوم ويُطلق عليه " ملاح خالدي " كما يصنع منه ملاح " شرموط أحمر " مُكشَّن بالصلصة ويطلق عليه " ملاح تقليَّة " .

كما كان يصنع مُلاح " النعيميَّة " بخلط " ملاح الروب " مع مُلاح الشرموط الأحمر وبالأخص في رمضان وعند الأعياد .

أما عندما يكون هنالك لحم ٌ فيُصنع ملاح الويكة المعروف بـ " أم رقّيْقة " كما كان يصنع من اللحم " مُلاح دمعة " والذي كنا نطلق عليه قديما ً " مُلاح لحم " – وعندما يتوفَّر الدجاج يصنع منه " ملاح رز " فاخر بالدجاج .

وهذه الإدامات الأخيرة المصنوعة من اللحم أو الدجاج كانت تؤكل بالكسرة الرهيفة لعدم تداول الخبز " الرغيف " في ذلك الأوان . وقد أحببت أنا شخصيا ً كل أنواع الإدامات آنفة الذكر عدا ملاح الويكاب الذي ما كنت أحبه وما زلت لا أحبه . وكان أمتع الأكلات الشعبية في ذلك الأوان عصيدة الدخن بالحليب و " الرُقاق " بالحليب و " الرقاق " هي كسرة القمح التي كانت تُعاس أيضا ً على الدوكة والصاج .

أمَّا ما يُعرف بملاح " أم تكشو " المعروف في القرى البعيدة عن النيل وهو عبارة عن الملوخية الناشفة فما كنا نعرفه كما كنا لا نعرف أيضا ً ملاح " أم شعيفة " الذي هو أرق من ملاح " أم رقيقة " والأشبه إلى " ريالة الديك " أي " لُعاب الديك " .

وبمناسبة إعداد الطعام والطبخ أود أن أنوه أن نساء قريتنا كانت ومازلن ماهرات ٍ بارعات ٍ للغاية , يجدن الطبخ بجميع أنواعه , توارثن ذلك جيلا ًعن جيل ٍ ,وقلَّ أن تجد لهُن َّ منافسات ٍ في أرجاء الوطن العريض . وأسأل الله أن يوِّفق بناتنا , بنات هذا الجيل لحمل الراية من أمهاتهن َّ .


وكما يُقال " الحديث ذو شجون " أي يُتذكَّر به غيره , أودُّ أن أذكر هذه الحادثة . في بداية السبعينيات عندما كنت أنا والأخ كمل عوض الله والأخ عبد العزيز قسم مرحوم أطال الله عمره بجامعة الخرطوم , أفطرنا في رمضان عند منزل العم حسن عثمان الفكي أحمد تغمده الله برحمته عندما كان يسكن " بأم بدّّة " وسهرنا معهم , وعند موعد العشاء أحضر جارهم المتزوج من إحدى قرى الجزيرة الواقعة بين مدني والحصاحيصا عشاءه – وعندما أدخلت يدي في إدامهم وأدخلت اللقمة الأولى في فمي , لم أستطع بلعها – ولا أدري أي َّ إدام ٍ ذلك حتى اليوم , لدرجة أنني ظننت أن ذلك الإدام مصنوع ٌ من " القُلقُل ْ " , والقلقل هي بذور القطن التي يُصنع منها زيتاً بالسودان يُسمَّى " زيت بذرة " . ويُعطى بعد عصرها زيتا ً علفا ً لبعض الحيوانات في شكل " أمباز " مثل " أمباز " الفول السوداني .

وبمناسبة " القلقل " هذه أتذكر أن عمي خالد عندما كان صغيرا ً كان كثير الريالة وكانت جدتي "العايدابية " تعطيه قلقلا ً ليمضغه لكي يوقف ريالته.

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الثلاثاء أغسطس 04, 2009 1:57 pm

رغم بساطة الغذاء ما كان الناس يعانون من الأمراض التي يعانونها الآن والتي تفشَّت كالضغط والسُّكري والسرطان والفشل الكلوي وما كنا نسمع إلا َّ بالحمى التي كانت نادرة الحدوث والتي كانت تُسمَّى " وِرْدة " حيث كانوا يقولون " فلان مُورُود " وحتى هذه لم تكن حمَّى َ الملاريا المعروفة الآن , وإنما حمى بسبب الإرهاق والإعياء أو إلتهاب أي ِّ عضو ٍ من أعضاء الجسم .
أذكر عندما كنت طالبا ً برفاعة الثَّانوية في أواخر الستينيات كان معنا زميل ٌ شايقي ٌ وكان قد أحس َّ بحمَّى أثناء الحصة فوضع رأسه على الدُّرْج desk الذي يجلس عنده – فناداه الأستاذ " مالك يا عوض الله ؟ " فرد عليه " أنا قعُورَد ْ يا أستاذ " أي " قاعد تجيني الوردة " .

وأذكر أن بعض النساء المتقدمات في السن وربَّما المترفِّعات منهن يرفضن أكل اللحم البقري ولا يأكلن إلا َّ اللحم الضَّاني لأنه حسب قولهن يسبب لهن " الدِّبس " الذي يورِّم أرجلهن َّ .وما أدري إن كان ذلك ما يُعرف بالزلالي أو مرض الفالج أي الضغط الذي عُرف عند العرب قديما ً . وقد كان بعض الرجال يقومون بالحجامة كما كانت بعض النساء يقمن بتفصيد ما فوق أقدامهن حيث تُخرج الحجامة والفصادة الدم الفاسد وينشط الإنسان بعدهما .

لم تكن هنالك مع القطاطي والصرائف حمَّامات أو دورات مياه – وكان من يريد أن يستحم أو يغتسل أن يحضر طستا ً داخل القطية ويحضر الماء في سطل ٍ " جردل " ويأخذ الماء بكفيه ويهيله على رأسه وبدنه . وقد أطلق البعض على ذلك الإستحمام " حمَّام وُوب حي " وهو رفع اليدين إلى أعلى وتنزيلهما كما تفعل النساء في الندب عند وفاة أحد الأقارب وهو شبيه ٌ بما يفعله الشيعة الآن عند ندبهم لمقتل الحسين بن علي والذي يسمُّونه " لطمية " . لكن بعض الرجال والصبيان كانو يفضِّلون الذهاب إلى النهر والإستحمام فيه بدلا ً من الإستحمام بداخل القطية .

أما قضاء الحاجة فكان الرِّجال والصِّبيان يذهبون لقضاء حاجتهم في الخلاء أما النساء فكن يصبرن إلى أن تغيب الشمس ويعم الظلام حيث يخرجن في شكل مجموعات ٍ إلى أطراف القرية لذا فكنا نحن كأطفال ٍ صغار ٍ نعتقد أن الكبار لا يتغوَّطون ولا يتبوَّلون .
والأغرب من ذلك أن المرأة إذا خرجت مسافرة ً من أوِّل الصَّباح إلى المساء , لا يمكن أن تطلب أنها تريد أن تُقضي حاجتها على الإطلاق , بل تصبر على ذلك كصبرها على الولادة فيا لعظمة النساء وصبرهن !! .

كان الزي الغالب في ذلك الزمان للرجال هو العرَّاقي والسُّروال والمركوب والطاقية , وعند السفر والمناسبات يلبس البعض الجلابيَّة والعمَّة " العمامة " – أما شيوخ العرب والمهندمين فيلبسون الثوب الأبيض الخفيف فوق العرَّاقي مع العمامة – وكان جميع الرجال يحملون عُصيِّيا ًتسمى الواحدة " قرجة " ويلبسون سكاكين في ذراعاتهم ويسمى البعض الواحدة منها " خوصة " حسب توصيات العارف بالله الشيخ حمد ود تكتوك حيث قال : "العصا من الكلب والسِّكين من السَّلب " أي العصا حماية ً من الكلاب والسِّكِّين حماية ً من النهب . ولم يكن أمرا ً معيبا ً إستلاف ملابس الآخرين بما في ذلك السروال والمركوب .

أما الزي الأغلب للنساء في ذلك الأوان فهو ثوب " الزراق " المصبوغ بالأزرق والذي يخلِّف آثاره على جسم المرأه في أيامه الأولى قبل أن يغسل – أما النوع الراقي فهو ثوب "الكِرِب ْ" وهو كثوب التُوتَل الأسود السادة – وقد غنى أحد الفنانين القدامى واصفا ً فتاة ً حسناء شبَّهها بثوب الكرب قائلا ً : " الكرب السادة – خلَّيتي قلبي ندادة , بريد زولي " . ولقد كانت النساء المتزوجات يستعملن الفركة .
أما للحِدَاد على الأموات فكانت النساء يرتدين ملابس وثياب الدمورية الثقيلة الخشنة مدة عام ٍ كامل ٍ بل لأعوام ٍ ثم تحولت مؤخرا ً إلى ملابسٍ وثياب ٍ بيضاء سادة ٍ خفيفة ٍ .
وكانت النساء قديما ً يلبسن ما يُسمَّى بـ " القُرقاب " وهو كالإزار الذي يلبسه البنغالة الآن . كما كُن َّ يلبسن " فردة الدمُّور " و" الفردة البنغالية " الرَّاقية المستوردة من الخارج .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 3:18 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس أغسطس 06, 2009 7:37 pm

في صغري بعد أن دخل الراديو البيوت كنت عندما أدخل قطيِّة جدي بابكر شيخ محمد عليه رحمة الله أسمع دائما ً أغنية " الغالي تمر السوق - لو قسمو ما بحوق - بريد زولي " ولفظة " ما بحوق " تعني " لا يكفي الحاضرين " وكانت تنبعث من عند قطيتهم كلما دخلت رائحة ٌ طيبة ٌ عطرة ٌ كرائحة الرُّطب وكنت أحسب أن ذلك هو التمر الغالي وليس رائحة البخور والعطور .

مما أذكره في الصغر أيضا ّ أن جدي عثمان شيخ محمد كانت له أعدادٌ كبيرة ٌ من البقر والماعز والضان - وكان قد أحضر له راعيين أو ثلاث وهم من أبناء غرب السودان وأسكنهم في قطية أمام داره وبالقرب من بيتنا - وكانوا يقومون برعي أغنام القريه إلى جانب رعيهم لأبقاره وأغنامه . وفي المساء كانوا يعزفون على آلة " الربابة " التي تصدر ألحانا ً شجية ً , وكانوا يقومون بعمل الشعيرية البيضاء والشاي إضافة ً لوجبة عشائهم التي تجهزها لهم زوجة جدي عثمان الحاجة فاطمة بنت عثمان الفكي أحمد عليها رحمة الله .

أذكر أيضا ً في صغري وقبل دخولي المدرسة الأوَّلية أنه كان لأبي جملٌ ببيطري واد مدني - حيث كان البياطرة والبوليس يُعطون جمالا ً للتنقَّل والسفر بها - وأراد إحضاره للدناقلة في موسم الخريف لكنه سقط ومات في الطريق بين قرية " كُردقيلي " والدناقلة بعد أن عبر ضفة النهر الغربية إلى الشرقية وحزنت عليه حزنا ً شديدا ً .
وأذكر أيضا ًعندما كنا بمدينة رفاعة وأنا بالمرحلة الأوّليِّة أو الوسطى كان لأبي بقرة ٌ صفراء طيبة ٌ حلوب ٌ أحضرها أبي من رفاعة للدناقلة في موسم الخريف - وبعد موسم الخريف أُخذت لترعى في جرف النخل - لكن رجلها دخلت في شق ٍ من شقوق الأرض بالجرف ولم يكن أحدٌ موجوداً ساعتها فسقطت وماتت هنالك بالجرف فحزنت عليها أيضا ً حزنا ً شديدا ً .

عندما كُنَّا صغارا ً كنا نخاف من رجال الشرطة وكان يُطلق على الواحد منهم " بوليس " أو " عسكري " . أما من يعملون بالجيش والذين يُطلق عليهم " جيَّاشة " فلم نكن نشاهدهم .
كان رجال البوليس أو العساكر يمرُّون على القرى وهم يحملون بنادقهم لإبادة الكلاب خوفا ً من مرض السَّعَر , وكان من لديه كلب ٌ عزيز ٌ عليه يخبئه أو يذهب به خارج القرية في الخلاء .
كان العم حسن مصطفى عليه رحمة الله وهو ابن عم لوالدي - منذ صغره يتمنى أن يكون بوليسا ً . وعندما كنا نذهب للمقابر التي يُطلق عليها " الولي " نأتي إلى شجرة عند قبر أحد الصالحين يقال أنه ولي الله " على ود معوض " - وكان ينبع من هذه الشجرة سائل ٌ كالماء كُنَّا نتمسَّح ونتبرَّك به وكان العم حسن مصطفى يردِّد هذا الدعاء " يا البقباقة يا الخنَّاقة بقِّيني بوليس ما عسكري " وهو يتمسَّح ويتبرَّك بماء تلك الشجرة .

ومن الطرائف أن العم حسن مصطفى ومعه مجموعة من الأولاد دخلوا جنينة ود الكامل عليه رحمة الله وقاموا بأخذ كمية من " المنقة و الجوافة والليمون " دون الإذن من أصحابها - وضُبطوا وهم داخل الجنينة - فأخذوهم إلى شيخ القرية أحمد محمد محمود الذي قام بجلدهم - ويبدو أن العم حسن ناله أشد العقاب لدرجة أنه أصبح يهاب شيخ القرية - وبعد هذه الحادثة بأيام ٍ قال له العم محمود عثمان عليه رحمة الله مداعبا ً " الشكِيَّة لي أب إيدا ً قوية " ثم سأله " أب إيدا ً قوية منو يا حسن ؟! " فرد َّ في بساطة ٍ متناهية ٍ " ود محمود " فانفجر العم محمود بالضحك .

وعندما كان فريقا الهلال والمريخ في قمتهما وأوج عظمتها في السيتينات أيام نصر الدين عباس جكسا وأمين زكي وسبت دودو وعز الدين الدحيش في الهلال , وجقدول وماجد وبشارة في المريخ , أصبح العمّان محمود عثمان وحسن بابكر من أكثر المتحمسين لفريق المريخ , بينما أصبح العم حسن مصطفى من أكثر المتحمسين لفريق الهلال , وكان معجبا ً جدا ً بأمين زكي وينطق اسمه " المنْتكي " , وكان يتمنىَّ لو تزوَّج وأنجب أبناء ً لسمَّاهم جميعا ً على أسماء لاعبي فريق الهلال - وهذا إن دلَّ على شي ْ ٍ فإنما يدل على حبه الشديد لفريق الهلال .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الخميس أكتوبر 01, 2009 4:26 pm عدل 2 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الثلاثاء أغسطس 11, 2009 10:54 pm


عند انتقالنا لمدينة رفاعة في عام 1955م في أواخر العهد الاستعماري لم أشاهد أي خوَّاجات " بريطانيين " قبل الاستقلال و يبدو أن السودنة قد بدأت في ذلك الوقت وأنا بالصف الأوَّل الابتدائي .

عندما جئنا لمدينة رفاعة في ذلك الأوان , لم تكن قد دخلتنا الكهرباء ولا شبكة المياه وكان " الخرَّاجة يقومون ببيع الماء كما عندنا بالقرية ولم يتوقفوا عن إحضار الماء من النهر إلا بعد سنوات ٍ من إقامتنا بها رغم أن رفاعة كانت منارة ً وقلعة ً للعلم ومن أوائل المدن التي بدأ بها تعليم البنات حيث احتفلت قريبا ًبمرور مئة عام ٍ على تعليم المرأة . ويوم ضُخَّت أول المياه بمحطة رفاعة كُنَّا نتعجَّب من ذلك الماء الصافي النقي الأشبه بالجاز الأبيض واستمر " الخرَّاجة " في إحضار الماء من تلك المحطة - ثم فيما بعد أُنشئت أكشاك بداخل الأحياء يقوم الناس بشراء الماء منها – واستمرت هذه الأكشاك لبضع سنوات ٍ إلى أن عمَّت الشبكة جميع أحياء المدينة .

في أثناء السنوات التي كان يُباع فيها الماء بالأكشاك كنت أركب على الجمل البيطري الخاص بأبي والمربوط في حوش البيت المقابل لسوق الخضار واللحم – وكنت أذهب به لكشك الحي الذي نقيم فيه ثم أرجع للبيت بعد سقياه .
أذكر أنه في ذات مرّة ٍ لم يشرب الجمل إلا قليلا ُ من الماء وعندما عاد أبي ووجده ضامرا ً , أعطاه ماءً فشرب كثيرا ً فجلدني والدي بالخيزرانة جلدا ً شديدا ً باعتبار أنني أهملته ولم أقم بسقياه وكانت هذه أوَّل وآخر مرَّة يقوم فيها والدي بجلدي .

كما أذكر أنَّني في أحد الأيام نسيت أن آخذ الجردل الذي أسقي به الجمل قبل أن ينهض الجمل بي – وعندما نهض الجمل أنزلت " الرسن " لأختي أسماء لكي تربط الجردل بحبل الرسن – فما أن أحس َّ الجمل بحركة الجردل تحته إلا ّ أن بدأ "يبرطع" أي يقفز وينطط بي وأنا على ظهره , فصرت متشبثا ً وممسكا ً بسنامه إلى أن سقطت على الأرض خلفه ولحسن الحظ ليس أمامه ولا تحته – وحمدا ً لله أن لم يندك عُنقي أو تتكسَّر عظامي وأضلعي أو أن يقوم برفسي وأنا واقع ٌ خلفه , بل تحطَّم وتهشَّم الجردل الذي ظل َّ عالقا ً به . وكانت هذه المرة الأولى التي تعرضت فيها للموت – ولولا لطف الله وقدره لكنت في عداد الموتى .

فترة الطفولة الباكرة التي مكثتها بالقرية لم تتح لي تعلُّم السباحة لأننا انتقلنا من القرية إلى مدينة رفاعة وكان النهر بعيدا ً عنها وقد فارقت رفاق الطفولة .
أما أطفال القرية فجميعهم تعلموا السباحة وصاروا مهرة ً فيها لدرجة أن بعضهم كان يعبر النهر سابحا ً على ظهره كالعم خالد الفاضل والعم عبد الرحيم بابكر والعم صالح عثمان .
ولقد كنت عندما نأتي للقرية في عطلات المدارس الصيفية وأذهب مع الرفاق للنهر كنت أسبح فقط عند حافة النهر فيما يُسمَّى بـ " الرحراح " أي الأماكن الضحلة وليست الأماكن العميقة . ولقد ساقتني الأقدار مرة ً إلى مكان ٍ عميق ٍ فأوشكت أن أغرق فيه لولا لطف الله ورحمته وكانت هذه المرة الثانية التي رأيت فيها الموت .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الخميس أكتوبر 01, 2009 4:30 pm عدل 2 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس أغسطس 13, 2009 5:20 pm

عندما كنا نقيم بمنزل العم حسن بكري برفاعة المقابل للمجلس البلدي وأنا مازلت بالمرحلة الأولية , كان لأبي جمل ٌ بيطري ٌ أبيض ٌ سمين ٌ مربوطا ً برَسَن ْ بأحد زوايا حوش ذلك البيت .
كانت أختي الوسطى " أم الحسن " أطال الله عمرها , والتي غلب عليها اسم "حسونة" والتي سميَّت تيُّمنا ً بجدتي حسونة بنت علي والدة جدتي عائشة بنت الحسين , أم والدي – كانت أختي حسونة صغيرة ً , تتمتع بصحة ٍ جيدة ٍ جدا ً very healthy " وكانت أمي قد ألبستها حجابا ً خوفا ً عليها من العين . وأعني بالحجاب هنا " التميمة " .
كانت أمي عندما تنزع الحجاب عن حسونة كُنَّا نخالها كذلك الجمل البيطري عندما يُنزع منه " الرسن "وكنا نقول أنا وأختي أسماء وأختي سعاد أطال الله عمرها , كٌنّا نقول متعجبين " هَي ْ – حسونة بقت متل الجمل " . و" الرسن " هو الحبل الذي يوضع على رقبة الجمل – كما يوضع سير الحجاب على الرقبة .

وكان أيامها يعمل العم حسن محمد أحمد صديق تغمده الله بواسع رحمته , كان يعمل ممرضا ً بضواحي مدينة رفاعة , بقرية أبو حريرة . وكان كلما جاء إلى رفاعة لأخذ علاجات شهرية من مستشفى رفاعة إلى عيادته " الشفخانة " , كان يأتي إلى بيتنا محملا ً بأكياس الفواكه والهدايا لشقيقاتي الثلاث . كان العم حسن يحب الوالد والوالدة كثيرا ً وكنا جميعا ً نبادله نفس الحب – لكنه كان يغمر أختي حسونة بحب ٍ شديد ٍ – وكانت أيامها هي الصغرى . وكان أول ما يدخل بيتنا ينادي لها في شوق ٍ عظيم ٍ " حتونة , حتونة , حتونة " ويبدو أن حبه الشديد لأختي حسونة نابع ٌ أيضا ً من حبه الشديد لجدتي حسونة بنت علي والتي يبدو لي أنها كانت امرأة ً صالحة ً , طيبة ً , عطوفة ً يحبها الجميع – وقد أصبحت أختي حسونة زوجة ً لأخيه الأصغر عمر محمد أحمد صديق أطال الله عمره وأمّا ً لعياله قبل انتقال العم حسن للدار الآخرة – طيَّب الله ثراه .

لم تكن محلات الحلاقة قد عمت القرى في ذلك الأوان ولقد كانت محدودة ً جدا ً حتى في المدن . والطفل الذي ينمو شعره غزيرا ً يقال عنه أنه "مُغِوِّف ْ" أو شديد "الغُوفة"ويحلق له بموس " جَبَنَة " أي صلعة ويصير رأس المحلوق له ناصعا ً كجَبَنَة الفخار . وكذلك كان الحال مع الكبار . أمَّا من يكون سعيد الحظ ومدلَّلا ً من الأطفال فيؤخذ إلى ود مدني ويحلق له "كَرٍي" مع " قُجَّة " في مقدمة الرأس . أمَّا ما يُعرف بـ " القنبور " وهي خُصلة طويلة من الشعر تُترك في وسط الرأس الذي يتم حلاقته فقد كان متعارفا ً عند أبناء " الفلاَّتة " وليس عند أبناء العرب – وأعني بالعرب هنا الذين هم من السلالة العربية – وبمناسبة " القنبور " هذا لو أردت أن تخدع أحدا ً أو تمرٍّر حيلة عليه ولم تفلح , يقول لك " شايف عندي قنبور !" أي لست أبلها ً. ولقد كان يطلق على الحلاقة في ذلك الأوان " الزٍّيانة " حيث يُقال لك "روح خَلُّو يزِّينوك " أو تقول " تعال زِّيني يا فلان " ويبدو أن الكلمة مشتقة من الزينة أي الوجاهة والجمال .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الخميس أكتوبر 01, 2009 4:36 pm عدل 2 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس أغسطس 13, 2009 5:39 pm

ولنأتي بعد ذلك إلى وصف النباتات والأعشاب والأشجار التي كانت تنمو حول القرية .
من النباتات والحشائش والأعشاب التي كانت تنمو في موسم الخريف ما يلي :-
" التَّبَرْ "ذو الأزهار والورود الناصعة البياض وهو النبات والعلف المفضَّل للجمال , وينمو على الأراضي الطينية المطرية . أما " النجيلة " و" السِّعْدَة " و " الدِّفْرَة " فتنو على أراضي القرير المحاذية للنهر , وهي نباتات ٌ وأعلاف ٌ طيبة ٌ لكل الحيوانات المجترة , ثم نبات " أم أصابع " الذي تحبه كافة الحيوانات .

ومن النباتات والحشائش التي تأكلها الحيوانات ما يلي :-
" أم حبيبة , الملوخية الخلوية , الرجلة الخلوية , البطيخ , والتبِّش الخلوي , الفقُّوس , أم بنَّة , الموليتة , الرباع " أما عشب " السنامكَّة " فقد تميل إليه البهائم أخيرا ً خاصة ً الجمال . أما النباتات التي لا تأكلها البهائم أو تميل إليها هي :-
"بصل الكلاب , الحميض , أم جلاجل , ود الوٍرْدَة , والبودة " وهو عشب ٌ طفيلي يعيق نمو الذرة ذو أزهار وورود ٍ جذابة اللون وهنالك نبات " المحريب " ونبات "النال" الذي ينمو طويلا ً بحيث يزيد إرتفاعه عن طول الرجل ويُستعمل في بناء القطاطي والصرائف والرواكيب و " الكرانك " , ويكون ناصعا ً أبيضا ً عند حشِّه والبناء به , وكذلك نبات " المغريب " وهو مجّوف نصنع منه مدافع صغيرة ٍ لقتل الذباب وباروده حبات الويكة .

أما الأشجار التي كانت تنمو حول قريتنا هي :-
السُّنًط , الطَّلِح ْ , الهجليج , السِّدِر ْ , اللَّعُوت , الطُّنْدُب , الصفصاف , الطرفة , الهيكبيت , العُشر , و الشَّاو ْ " وهي أشجار الأراك ذات الأغصان الطريِّة النضرة . وكانت هنالك شجرة " عرديب "واحدة فقط بجرف العم محمد علي صالح مازالت موجودة ً ً وقائمة ً حتى الآن . كما كانت هنالك أربعة أشجار نخيل ٍ بجرف جدي الفاضل قام بإحضارها من الشمالية وغرسها جدي شيخ محمد . وكان يُسمَّى جرف جدي الفاضل "جرف النخل " . كما كانت هنالك شجرتان أو ثلاثة أشجار " نيم " بالقرية منها واحدة ٌ بالقرب من دكان العم مساعد العاقب وأخرى بالقرب من دكان الوالد أحمد محمد محمود عليه رحمة الله والذي كان شيخا ً للقرية . وكانت هنالك بعض أشجار " الحراز و السيَّال " على الضفة الغربية للنهر .

وإلى جانب فوائد تلك الأشجار والأعشاب للحيوانات , فالبعض منها مفيد ٌُ للإنسان . " فأم حبيبة , والملوخية الخلوية " تستعملان كإدام ٍ مفروك ٍ وكنت أحبهما كثيرا ً . وربما استعمل البعض " الرجلة الخلوية " كإدام ٍ . أمَّا " أم بنَّة " فهي من فصيلة الشمَّام غير أن أحجامها صغيرة ٌ في حجم بيضة الدجاج أو دونها , ولها رائحة فوَّاحة ٌ أقوى وأطيب من رائحة الشمَّام وكنَّا نستمتع بأكلها . و " الفقُّوس والتبِّش الخلوي " من فصيلة الخيار والعجور يؤكلان ويصنعان كسلطة ٍ خضراء , وكذلك "الموليتة" التي هي أشبه بالجرجير تُؤكل كسلطة ٍ , غير أنها شديدة المرارة , وقد علمنا لسنوات ٍ متأخرة ٍ أنها علاج ٌ مفيد ٌ لمرضى السُّكر . و " الحلِّيو ْ " أيضا ً نبات ٌ أشبه بالجرجير كنا نأكله . أما أعشاب " المحريب و السنامكَّة " فقد كانت تُغلى وتُشرب كعلاج ٍ لكثير ٍ من الأمراض الباطنية .

أما الأشجار فإلى جانب الاستفادة من ظلها ومن حطبها للبناء والوقود , فقد كنا نأكل ثمار الكثير منها ونستفيد منها في حياتنا . من " السُّنط "يؤخذ " القرض " الذي يُستعمل في دبغ الجلود وعلاج بعض الأمراض سواء ٌ بمصِّه أو حرقه . و" الطلح " يُستعمل كبخور ٍ , وتستعمله النساء في ما يسمى عندنا بـ " الدخَّان "- من " السدر " نجني " النبق " ومن " الطُّنْدُب "نجني ثمرة " الحنبك " الأحمر الشبيهة في حجمها وطعمها بالعنب البلدي – كما كنا نمتص رحيق ورده . ومن " الهجليج " نجني" الَلالوب" . لكن شجر " الطُّنْدُب " صعب وبطئ الاحتراق ولا يلجأ له الناس كوقود إلا َّ في حالة الضرورة . من " الشاو " أي الأراك كنا نستمتع بأكل ثمره " الحبة حارة " عندما تكون حمراء مستوية ً , وهي حبيبات ٌ صغيرة ٌ كحبيبات " السكسك " الأحمر , كما تُستعمل أغصانه وعروقه مساويك .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 3:41 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس أغسطس 13, 2009 5:51 pm

وعندما يجف المرعى كانت الحيوانات تلجأ في غذائها لبعض من تلك الأشجار , غير أن شجرة " الهيكبيت " شجرة ٌ ملعونة ٌ , وكل حيوان ٍ يأكل منها كان يصاب بالكُساح والشلل ولا يُرجى شفاؤه بل يذبح إن كان من الحيوانات التي تؤكل .

أشجار " السَّيال " في الضفة الغربية كانت تلقي بثمار " العُليٍّف " كما كانت أشجار " الحراز " الضخمة العالية التي بجانبها تلقى بثمار " الخُريٍّم " الشبيه بثمار أشجار "المسكيت" . وكلا " العُلٍّيف " و" الخُرٍّيم " غذاء ٌ مفضل ٌ للماعز والأغنام وقد يأكلهما البعض من الناس .

كُنَّا نحصل على ثمار " العرديب " من الشجرة الوحيدة بجرف العم محمد علي صالح التي كان البعض يتسلقها أو يرمي ثمارها بالحجارة . وكانت شجرة ً غليظة ً وعالية ً . وثمرة " العرديب " شبيهة ٌ بالتمر هندي في طعمها وشكلها ولونها . ولا أدري إن كانت شجرة التمر هندي هي نفس شجرة " العرديب " الموجودة عندنا بالسودان أم أنها تختلف . لكن ما فكَّر أحدٌ في ذلك الأوان أن يجرِّب عصيرها على الإطلاق .

وكنا نقوم بإسقاط البلح من النخلات بجرف جدي الفاضل حتى وهو أخضر ٌ قبل أن يصفرَّ أو ينضج ونقوم بأكله , ويسبِّب لنا بحَّة ً في الحلق ويخرِّب ثيابنا بترك بقع ٍ كالدم عليها , لا يخرج حتى بعد غسلها بالصابون . كما كنا نقوم بإسقاطه بعد أن يصفر َّ وبعد أن ينضج وبعد أن يجف , وفي تلك الحالات الأخيرة يكون حُلوا ً ومستساغا ً . وحتى " الزونة " ثمرة " النيم " لم تسْلم ْمنَّا حيث كُنَّا نأكلها بعد أن تصفرَّ وتنضج .

كانت هنالك بعض العروق الطفيلية المتسلِّقة للأشجار , أحدها يكون على سور الجروف المحاذية للنهر , ويُخرج ثمرة ً تُسمَّى " تمر العبيد " الذي لم يكن الناس ميالين لأكله . كما كان هنالك عرق " بليلة الغنم " الذي يتسلَّق على شجر " الطُّندب " وعلى شجر " السِّدر " وله حبات ٌ حمراء ٌ شبيهة ً بالحنبك .
كما هنالك عرق ٌ آخر يتسلَّق أشجار " الطُّندب " يُسمَّى " سَلعْلعْ " وهو عرق ٌغليظ ٌلا ثمرة له ولا تأكله الحيوانات , بل هو عرق ٌ حارق ٌ يجعل يديك تشح شحا ً إن لمسته , وهو أشبه بالثعبان الغليظ المتسلِّق شجرة ً , يهابه الأطفال ويبتعدون عنه . إلاَّ أن الشجرة التي يتسلَّقها تعطينا ثمرة " الحنبك " الطيب ورحيق وردها اللذيذ كما ذكرت آنفا ً .

من الغابة كنا نستخرج " الدمبو " من عروق بعض الأشجار وهو نبات ٌ أقرب للفاكهة له قشرة ٌ سميكة ٌ بالخارج كقشرة الأناناس , وله لب ٌ أبيضٌ بالداخل , يُرمى قشره ويؤكل لبَّه الذي له نكهة وطعم التفاح الأحمر الهش الشديد الاستواء . وما يوجد في قلب الحبة الواحدة من " الدمبو " يُسمَّى " غُرَّة الدمبوية " .
وكان الكبار يستخرجون " السُّتيب و " أم دشيشة " من " التمتة " بعد انحسار الماء من الغابة . و " السُّتِّيب " نبات أشبه بالبنجر في شكله وحجمه , لكن له طعم ومذاق البطاطس , يتم سلقه وأكله بعد إزاحة قشرته الرفيعة المشابهة لقشرة البطاطس .
أما " أم دشيشة "فهي نبات ٌ غني ٌ بالدهون المستساغة الأقرب " للربيت " الذي يؤكل بعد انتهاء لحم الأضحية ( أعني الربيت ) .

كما كنا أيضا ً نقوم بالتقاط الصمغ من بعض الأشجار بالغابة . وكان بعض الصمغ يتكوَّن على الشجر في شكل قطع ٍ يُطلق على الواحدة محليَّا ً اسم " كعكول " . أما بأشجار " اللعوت " وهي أشجار قليلة الارتفاع فكنَّا نجد صمغا ً سائلا ً حلوا ً لذيذ الطعم والمذاق يطلق عليه محليا ً "بصاق الدابي". كما كنا نجد بأسفل أشجار "اللعوت " نفسها صمغا ً مفتَّتا ً مهروسا ً يُطلق عليه محليَّا ً " خراء أم العجوز " وهو أشبه ما يُسمَّى اليوم بالمكسَّرات .
كل هذه الأنواع من الصمغ كنا نستمتع بأكلها . وفوق كل ذلك كُنا نستمتع بهديل القُمري بالغابة . أما بالجروف فكنا نستمتع بتغريد الطير الخًداري بين اثنين أحدهما يغرِّد " بخيِّطو " والآخر يعقبه بتغريدة " بشرِّطو " . ويستمران على ذلك فترة ً طويلة ً .

وكان بالغابة نوع ٌ من القرود الصغيرة الحجم تقفز من شجرة ٍ إلى أخرى ويسمى الواحد منها " عبلانج " .

تم بحمد الله ..


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أغسطس 16, 2009 3:45 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ابو لين الخميس أغسطس 13, 2009 9:18 pm

ما اروعك عمى الاستاذ ياسمين


وبطبيعة الحال لم اكن سعيدا برؤية عبارة تم بحمد الله


ولكن حتى الاشياء الجميلة لها نهايات


عزائى ان ذكريات من حياتى موجودة ويمكننى قراتها كل يوم ولا اظن اننى سامل منها لانها تحوى الجمال السلاسة والمعلومة


اتمنى ان ارى لك كتابات اخرى
ابو لين
ابو لين
المدير المالى

عدد الرسائل : 2821
بلد الإقامة : السودان
الإسم الكامل : احمد صالح احمد على
نقاط : 8904
تاريخ التسجيل : 06/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكر لك

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الأحد أغسطس 16, 2009 3:51 pm

عزيزي : أبو لين

أشكرك كثيرا ً على الإشادة والإعجاب

وأنا الآن أعدُّ العدَّة لكتابة الجزء الثالث , الذي سيرى النور في القريب العاجل "إن شاء الله " .

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف Mohamed الإثنين أغسطس 17, 2009 3:37 am

شكرا لك جزيلا العم يس على هذا المجهود الكبير وعلى الغوص بنا في أعماق الماضي
وفعلا الاجيال الجديدة تحتاج لمثل هذا التوثيق حتى لا تنقطع العلاقة بين الماضي و الحاضر
وقد رسمت لنا بأسلوبك السلس صورة حية لما كان عليه الوضع بضعة عقود مضت
و أجمل شيء ان الكتابة بالعربية الفصحى, وما تحتويه النصوص من تراجم لكافة المعاني التي لم تعد مستخدمة حاليا, ومراعاة الاسلوب لكافة المستويات اللغوية للمتلقين, بما فيهم من نشئوا بعيدا عن البيئة السودانية
وفقكم الله و سدد خطاكم

وفي انتظار الجزء الثالث باذنه تعالى
Mohamed
Mohamed
العضوية الفضية

عدد الرسائل : 741
بلد الإقامة : استراليا
الإسم الكامل : محمد عبدالجبار أحمد الياس
نقاط : 6450
تاريخ التسجيل : 19/02/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ابو لين الإثنين أغسطس 17, 2009 2:02 pm

باللهفة والاشواق ننتظر الجز الثالث

وفقكم الله
ابو لين
ابو لين
المدير المالى

عدد الرسائل : 2821
بلد الإقامة : السودان
الإسم الكامل : احمد صالح احمد على
نقاط : 8904
تاريخ التسجيل : 06/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ابو الزعيم الإثنين أغسطس 17, 2009 2:26 pm

جزاك الله عنا كل خير عمنا يس
ونحن في لهفة وشوق لمطالعة الجزء الثالث

كن بخير
ابو الزعيم
ابو الزعيم
المشرف العام

عدد الرسائل : 1051
بلد الإقامة : sudan
الإسم الكامل : خالد الياس احمد الياس
نقاط : 6640
تاريخ التسجيل : 23/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف كمال عوض الله الأربعاء أغسطس 19, 2009 10:37 am

الأخ الأديب الممتع ياسين كنت أتوقع أن تسرد أحداث ليلة فطورنا مع الأخ يوسف حسن وقسمك العظيم ما بين منزل الحاج حسن عثمان ومنزل الأخ السر عبد الله- رحمهما الله- وما هي كفارة ذلك القسم ومعرجا على أحداث رحلتنا لرفاعة بكل أدواتها وفي القانون القضايا بعد مدة من الزمن تشطب وهذه الأحداث كانت بين 1971 والعام 1973 وشنو حكاية ملاح الخضرة ( حسن عمر - عبد العزيز - كمال) ومقلبكم معاي ومقلب الفارس لنا ( موضوع سعيد بابكر)

كمال عوض الله
عضو لجنة دستور

عدد الرسائل : 178
بلد الإقامة : المملكة العربية السعودية
الإسم الكامل : كمال عوض الله محمد الحاج
نقاط : 6195
تاريخ التسجيل : 17/03/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف وليد الطيب الأربعاء أغسطس 19, 2009 12:08 pm

العم الرائع ياسين
تعجز كلمات اللغة عن التعبير بما اثريت به هذا المنتدى من معلومات ذات فائدة عظيمة لنا
وانت تربط الاجيال ببعضها بما سردته لنا فى ذكريات من حياتى
ربنا يديك طولة العمر
ويديم عليك بالصحة والعافية
ونحن فى انتظار المزيد من هذه الذكريات
وليد الطيب
وليد الطيب
العضوية الذهبية

عدد الرسائل : 1460
بلد الإقامة : السودان
الإسم الكامل : وليد الطيب دفع الله عبدالله
نقاط : 8018
تاريخ التسجيل : 14/07/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكر لكم

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس سبتمبر 10, 2009 10:37 am

الأعزاء محمد عبدالجبار و وليد الطيب .أشكركما كثيرأ على الإشادة الطيبة وأعدكما إن شاء الله بالمزيد.


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أكتوبر 04, 2009 10:55 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكر لكم

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس سبتمبر 10, 2009 10:40 am

الأعزاء أحمد صالح وخالد الياس
أعدكما قريبا ً إن شاء الله بالبدء في الجزء الثالث .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أكتوبر 04, 2009 10:58 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty رد: ذكريــات ٌ في حياتي " الجزء الثاني "

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس سبتمبر 10, 2009 10:40 am

الأعزاء احمد صالح وخالد الياس
أعدكما قريبا ان شاء الله بالبدء في الجزء الثالث .

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــات ٌ في حياتي  " الجزء الثاني " Empty الشكر لك

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس سبتمبر 10, 2009 10:50 am

الأخ العزيز كمال عوض الله
أشكرك كثيرا ً للفت النظر, لكن الأحداث الطريفة تتداخل ويتفلت البعض منها عن الذاكرة والبال.

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى