منتدى قرية الدناقلة
DANAGLA CYBER COMMUNITY

جمهورية السودان
ولاية الجزيرة

مجتمع قرية الدناقلة الرقمي

أخي الزائر الكريم

اذا لم تكن مسجَّلا بعد في منتدى قرية الدناقلة, نرجو اكرامنا بالتسجيل و الانضمام الى أكبر تجمع رقمي لابناء قرية الدناقلة على الانترنت

اذا كنت مسجلا فعلا, ارجو الدخول و عدم حرماننا من رؤية اسمك على قائمة الأعضاء اذا واجهتك مشكلة ارسل رساله الى الهاتف 09117685213

ولك وافر الشكر و الامتنان

أسرة منتدى قرية الدناقلة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى قرية الدناقلة
DANAGLA CYBER COMMUNITY

جمهورية السودان
ولاية الجزيرة

مجتمع قرية الدناقلة الرقمي

أخي الزائر الكريم

اذا لم تكن مسجَّلا بعد في منتدى قرية الدناقلة, نرجو اكرامنا بالتسجيل و الانضمام الى أكبر تجمع رقمي لابناء قرية الدناقلة على الانترنت

اذا كنت مسجلا فعلا, ارجو الدخول و عدم حرماننا من رؤية اسمك على قائمة الأعضاء اذا واجهتك مشكلة ارسل رساله الى الهاتف 09117685213

ولك وافر الشكر و الامتنان

أسرة منتدى قرية الدناقلة
منتدى قرية الدناقلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ذكريــــات في حياتي

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الإثنين فبراير 08, 2010 8:17 am

مرحباً بكم في الجزء الرابع من ذكريات في حياتي ،،،،

ذكرت من قبل أن الدُّفعة التي كانت بالصف الأول عام1960م بفصل مهدي الحكومي بمدرسة علي لطفي الوسطى قد تمَّ نقلها إلى مدينة الهلاليَّة شمال رفاعة ، حيث تم التَّصديق بفتح فصل حكومي داخلي هنالك بعد أن درسنا حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر بمدرسة علي لطفي . ولم يتخلَّف من الدُّفعة التي كان بها أربعون طالباً إلا طالبين أو ثلاثاً .
هنالك وجدنا فصلاً مُعدَّاً في الجِّهة الشرقيَّة للهلالَّية وملاصقٌ له مكتبٌ واحدٌ للمعلمين –كان عدد المعلِّمين اثنان فقط هما مدير المدرسة عثمان حسن الرَّيح تغمدَّه الله بواسع رحمته والذي يبدو اسمه عربياً لكن سحنته كانت أشبه بسحنة قبيلة الزَّاندي بجنوب السودان – أما الأستاذ الآخر فهو ناصر طه - أطال الله عمره إن كان من الأحياء – وهو من مواطني مدينة الهلاليَّة وعلمنا أن ذلك الفصل الذي درسنا به كان فصلاً صناعياً – لكني لا أدري أن كان به طلابٌ يدرسون ثم تم تحويلهم إلى مدرسة صناعيةٍ أخرى – أم أن ذلك الفصل قد شيّد وتمّ تعديل الفكرة من فصلٍ صناعي إلى فصل أكاديمي .

كان مدير المدرسة رجلاً حازماً ، طويلاً ، أنيقاً، وسيماً وكان متمكناً جداً من مادتيْ الانجليزي والرياضيات التي كان يقوم بتدريسنا إياهما ـ أما الأستاذ ناصر طه فقد كان قصيراً ،وكان يقوم بتدريسنا بقية المواد وهي : اللغة العربية والتربية الإسلامية والجغرافيا و التاريخ ـ ومن أغرب الأشياء أن لم يرد هذا السؤال بذهني طوال السنوات الطويلة الماضية إلا قريباً وهو : لماذا لم تكن هنالك مادة العلوم في المرحلة الوسطى في جميع أنحاء السودان رغم أنها كانت من أحب وأمتع المواد في المرحلة الابتدائية بينما كانت تدرس في المرحلة الثانوية ؟.

كان الأستاذ ناصر طه صعباً وقاسياً معنا سواءٌ في الدِّراسة أو في الدَّاخلية وكان لا يسلم أحدٌ من العقاب الذي يكون في أبسط وأتفه الأشياء – وحتى المدير كان صعباً لكنه كان يركز في العقاب علي من يخطئ في الـ Spelling في اللغة الإنجليزية – لكٍّنا والله ما أحسسنا بالغبن والكراهية والحقد تجاههما ، فلو لا شدِّتهما وصرامتها لما تفوِّقنا وصرنا من أميز الطلاب في الوطن – ويكفينا فخراً أن دفعتنا تلك لم يتخَّلف منها أحدٌ في الدُّخول للمدارس الثانوية والمعاهد العلمية عام 1964م كما لم يخفق أحدٌ في الشهادة السودانية عام 1968م.
أذكر أنني عندما جئت للهلالية أوَّل مرَّةٍ جئت برفقة الوالد عليه رحمة الله صباحاً ومعي شنطةٌ من حديد بها ملابسي . توجَّهنا إلى المدرسة أوِّلاً حيث قام أبي بتسديد القسط الأوِّل من الرُّسوم المقرَّرة علىَّ حيث كان مقدارها ثمان جنيهات في السَّنة ، أُعفيت منها في السَّنوات اللاَّحِقة .

ودَّعني أبي وعاد لرفاعة وفي نهاية اليوم الدِّراسي توجَّهنا للدَّاخلية التي كانت بيتاً كبيراً لأحد أعيان مواطني الهلاليَّة يدعي ( المشرَّف ) – وجدت الغرف قد امتلأت ولم أجد مكاناً إلاّ في ( البرندة ) الغربيَّة جوار الأخ الحاج الفكي يوسف من قرية ( كريعات ) شرق تمبول – وقد كان يتيماً يرعاه ويكفله خاله – ولقد كان يُلقَّب بـ ( جِخِمْ ) لأنَّه كان يصدر صوتاً مثل ذلك بأنفيه رُبَّما لحساسية في الجيوب الأنفية – وهو أوَّل من صارت بيني وبينه صداقةٌ – ولقد كُنّا نأكل ( التسالي ) ليلاً ونحن مضّجعين علي أسِرَّتنا ، لدرجة أن علق زملاؤنا قائلين ( الحاج بقول لي ياسين إنت التسالي دا بسمِّن ؟! ) – ولقد اكتشفت لاحقاً أنَّ له أقرباء ( بديم العوض ) من كريعات هم أسرة الحاجة ( مرحبا ) أطال الله عمرها – والعم (محمد الجد) تغَّمده الله بواسع رحمته- كما علمت أنه على صلةٍ وقرابةٍ بالأخ محمَّدين الطيب – أطال الله عمره – الذي كان بالدُّفعة الأولى برفاعة الثانوية- وكان طويلاً جداً ومن البارزين النشطين في الاتجاه الإسلامي برفاعة الثانوية - كما كان أيضاً كذلك إن لم تَخُنِّي الذاكرة بمعهد المعلمين العالي بأم درمان .
ولقد تعرَّفنا علي شقيقة محمَّدين الطيب ( التّومة ) تغمدها الله بواسع رحمته – تعرَّفنا عليها بالخرج بالسعودية وعلي زوجها (سيِّد ) أطال الله عمره ، وهم أيضاً من قرية ( كريعات ) ومقيمين بمدينة رفاعة .

كانت أسَّرة الداخلية من حديد ومنسوجةٍ بحبالٍ – وقد صُرِفَ لكل طالبٍ ( مخدَّةٌ ) ومعها كيسٌ أبيضٌ من القماش – وبطّانيتان سمراوتان كبطاطين الجَّيَّاشة – تُبسط واحدة علي السرير والأخرى للغطاء بها ليلاً – ولقد كانت رائحتها غريبة ( فواحة ) كتب عليها الحروف الإنجليزية التالية :R.of S وتعني جمهورية السودان (Republic of Sudan ).
كان الزَّى المدرسي بالمرحلة الابتدائية عبارةً عن جلابيةٍ لكن في المرحلة الوسطى أضيفت الطاقية والعمامة إلي الجلابية ، لكن كان يُشترط علينا لبس شباطة Sandals بلاستيكية – لذا فكان جيلنا هو آخر الجيل الذي ما زال يلبس العمامة حتى الآن .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الثلاثاء أغسطس 24, 2010 12:02 am عدل 3 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين فبراير 08, 2010 6:12 pm

ما اروعك اخي يس !!!
وما اروع تلك الذكريات الجميلة والتي زادها سردك الشيق القا وجمالا
ونرجو منك الاستمرار لتعم الفائدة من تلك الذكريات التي في واقعها تجربة حياة.
جزاك الله خيرا اخي يس وما تطول الغيبة!!!
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10124
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الأربعاء فبراير 10, 2010 11:41 am

الأخ وجدي الطيب
أشكرك كثيراًعلى الإشادة والثناء، وأعدك بمواصلة المشوار.

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف كمال عوض الله الأربعاء فبراير 10, 2010 11:59 am

الجد يس

السلام عليكم ورحمة الله

كنت أنتظر أحداثا كثيرة حضرتها معك لكن الفاتح بابكر شوقني جدا لما حدث لك إبا الهزات الأرضية في منطقة المدينة

وصلنا ولا حجر الحنة

كمال عوض الله
عضو لجنة دستور

عدد الرسائل : 178
بلد الإقامة : المملكة العربية السعودية
الإسم الكامل : كمال عوض الله محمد الحاج
نقاط : 6195
تاريخ التسجيل : 17/03/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الإثنين فبراير 15, 2010 10:26 am

عمو كمال
تحية طيبة ،،
لا - حجر الحِنَّة
I did not escape, but the whole area I lived in was evacuated that night
تقبَّل تحياتي ،،
ياسين

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty تابع - ذكريات في حياتي (الجزء الرابع)

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الأربعاء فبراير 17, 2010 3:17 pm

تـابع :

أذكر في ذات صباَحٍ شتويٍ عاصفٍ وكنَّا بداخل الفصل – كان صباحاً ذا تيارٍ باردٍ يهبُّ من الشمال مصحوباً بغبارٍ شديدٍ أن جاء والد الزميل عبد المنعم عوض الرَّيح أمدَّ الله في أيامهما ودخل على المكتب الذي كان به المدير – تمَّ استدعاء الأخ عبد المنعم من الفصل ونُقل إليه خبراً حزيناً مؤلماً هو وفاة والدته – تغمَّدها الله بواسع رحمته. لم يرجع الأخ عبد المنعم إلى الفصل بل ذهب بصحبة أبيه إلى قرية بانت شرق رفاعة .
عندما خرجنا من الفصل لفسحة الفطور علمنا بالخبر الأليم فتألمنا وحزنَّا كثيراً كما تألم وحزن الزميل عبد المنعم . كان المدير عندما تنتهي الحصَّة ينادي هازاً بيده اليمنى Makki ring the bell أي: "مكِّي دق الجرس" وكان مكِّي الحسين أطال الله عمرة شاباً أنيقاً وفَّراشاً بالمدرسة وهو من أبناء الهلاليَّة .

أذكر أن قام بتدريسنا الأستاذ ناصر طه في مادة الجُّغرافيا قبيلة الماساي بكينيا وقمنا بعمل مخطط لقرية البائلاَّ خارج الفصل الوحيد – ونتيجة لأمرٍ ما حدث لا أذكره ، قام الأستاذ ناصر طه بعقاب كلِّ طلاَّب الفصل عقاباً شديداً – مما سبَّب حنقاً خاصةً عند رؤساء العنابر بالدَّاخلية ممَّا حدا ببعضهم أن جاءوا بليلٍ من الداخلية وقاموا بتدمير المخطَّط تدميراً كاملاً- وقد تكتَّم الجَّميع بعدم ذكر من فعل ذلك – لكنَّا علمنا فيما بعد أنَّ الأخوين محمد علي صالح وحى الله كالمدو أطال الله أعمارهما هما اللَّذان قاما بذلك . وكُنَّا نلقب الأخ محمد علي صالح بـ أب nose لكبر أنفه وكان هو إمامنا . ممَّا أذكره أيضاً أن الزميل عثمان حسين أطال الله عمره وهو من قرية الدَّناقلة شرق رفاعة كان متيناً ويتمتَّع بصحَّةٍ جيِّدة وعافية . وقد كان رسَّاماً ماهراً لا يضاهيه في الرَّسم إلاَّ الزميل الطيب أحمد عمر أمَّد الله في عمره والَّذي كان أيضاً فنَّاناً (مغنياً ) ، ذا صوت صدَّاحٍ . والطيب هذا من قرية (فاتحها الجعليين ) شرق رفاعة .

عند مجيء شهر رمضان منع الأستاذ ناصر طه معظم الطُّلاب من الصِّيام بحكم عامل السِّن ولم يسمح إلاَّ للقليل منَّا .
أذكر أنَّ الأخ عثمان حسين كان مُصرَّاً علي الصيام والأستاذ ناصر طه مُصِّرٌ علي ألاَّ يصوم – كُنَّا في وجبة العشاء وصار الأستاذ ناصر طه والأخ عثمان حسين يتجادلان – كلٌ مُصِّرٌ علي رأيه . كان الأخ عثمان حسين يحمل عظماً يقوم بأكل اللحم منه ويقوم الأستاذ ناصر طه بصفعه تارةً علي خدِّه الأيمن وتارةً علي خدِّه الأيسر والعظم يتأرجح يُمنةً ويُسرةً .

عندما أنتهي العام الدراسي ونحن بالصف الأول وعدنا للدراسة بالصف الثاني وجدنا أن المدرسة وكذلك الداخليات قد اكتمل وتم انشاؤها فانتقلنا إليها مباشرةً بعد عودتنا . لكن للأسف الشديد نقص عددنا ، إذ لم يرجع الأخ عثمان حسين لمواصلة دراسته بل تخلَّي عنها وهجرها نهائياً وانخرط في العمل التجاري ولقد علمنا بعد سنوات لاحقة أنَّه أصبح من الأثرياء .
في الصف الثاني تم نقل كل من الزملاء- عبد الرَّزاق ملاَّس ، وعبد الله موسى وأبي طالب أطال الله أعمارهم – وهم من أبناء رفاعة ، تم نقلهم إلي مدرسة رفاعة الأميرية وسدَّ مكانهم من أبناء الهلاليِّة الذين كانوا يدرسون بمدرسة رفاعة الأميرية وهم الزملاء الأمين دفع الله ، والأمين علي الأمين ، ومعتصم دفع الله أطال الله أعمارهم – وكان مستواهم ممتازاً فزادونا حماساً ومنافسةً . وبالصف الثاني إنضم إلي هيئة التدريس الأستاذ محجوب البشير أطال الله عمره – وهو من مواطني الهلالية – ولقد أحببناه كثيراً لأنَّه لم يكن قاسياً معنا كالأستاذ ناصر طه ، بل كان عكسه تماماً- وقد قام بتدريسنا مادتي الجغرافيا والدِّين . وأستمر في تدريسنا الجغرافيا بالصف الثالث ، كما قام بتدريسنا مادَّة الإنجليزي لفترة قصيرة بالصَّف الثالث – لكنَّه لم يكن متمكناً في اللغة الإنجليزية – وحزِّنا علي ترك المدير لنا ، لكنَّه عاد وواصل معنا إلي نهاية الصف الثالث .

مما أذكره عن الأستاذ محجوب البشير أنَّه كان ينطق حرف الـ "a" في الجملة الإنجليزية كإسمه (إي) وليس (أ) . كان يقوم بتدريسنا القطعة الإنجليزية التي فكَّر فيها الفئران وضع جرس علي القط حتى يسلموا من شرِّه وقرأ علينا هذه الجملة (They are going to put a bell on a cat) فبدلاً من قراءتها أَ بِلْ و أَ كات قرأها إِي بِلْ – و إِي كات. فتضجَّرنا لذلك وأصبحت علاقته معنا فاترة بعد ذلك خاصة مع الطلاب الذين قاموا برفع شكوى ضدَّه وكنت أنا واحداً منهم .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أكتوبر 17, 2010 12:06 pm عدل 4 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ود..نقد الأربعاء فبراير 17, 2010 6:36 pm

الله ما اروعك اخي يس
وانت تطوف بنا في ردهات الزمن الجميل ..الزمن الذي كا فيه المعلم معلما .. وطالب العلم طالبا ..
اخي يس اتمنى ان تدلف بنا قليلا نحو المعاناه التي تكبدها الجيل السابق في سبيل العلم خاصة ابناء الريف اللذين اضطرتهم الظروف للهجرة الى الحضر لتلقي تعليمهم الذي لم يكن متاحا في الارياف في تلك الفترة!!! .. عكس جيل اليوم الذي حظي بعصر التكنولوجيا وتقنية المعلومات!! والتي لم تكن حتى في احلام الجيل السابق!!!
لك محبتي وودي وفي انتظار القادم من ذكريات حياتك الشيقة
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10124
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الثلاثاء مارس 23, 2010 4:16 pm

تابع..

مما لا أنساه بالصف الثالث أن الزميل الهادي عبد الله أطال الله عمره كان قد ترك الدراسة دون أن نعرف السبب – والأخ الهادي عبد الله كان يتيماً وهو من نفس قرية ( فاتحها الجعليين) التي منها الأخ الطيب أحمد عمر . لكنه عاد للدراسة بعد غياب دام قرابة الشهرين . كنا قد درسنا في الجغرافيا شيئاً عن الكتلة اللورنشية ،و لم يكن الأخ الهادي عبد الله قد حضر ذلك الدرس- وعندما عاد للدراسة طلب منه الأستاذ قراءة ذلك الدرس فقرأ كلمة "الكُتْلة" بدلاً من ضمِّ الكاف قرأها بفتح الكاف حيث صارت " الكَتْلة " ، وما أعبنا عليه ذلك لأنه كان غائبا عن ذلك الدرس .

كان من أعز أصدقاء الأخ الهادي عبد الله الأخ عبد اللطيف عبد الله أطال الله عمره الذي كان شخصاً مرحاً ولطيفاً وكانا قد اخترعا لهجة بينهما أدخلا في كلماتها زيادة حرفي التاء والنون . كان عبد اللطيف ينادي للهادي باسمه قائلاً " الهادِي ناتى عبد تن الله " فيرد عليه الأخ الهادي بــ( الكتنورة فيهاتنا الحتنبر ) أي ( الكورة فيها الحبر ) فيا للعجب العجاب !! والأخ عبد اللطيف عبد الله من أبناء أم شانق شرق رفاعة – ومما سرَّني كثيراً أن الأخ الهادي عندما التحق بمدرسة حنتوب الثانوية قد أبدى تفوُّقاً منقطع النظير وتمكن من دخول جامعة الخرطوم كلية الطب التي ما كان يدخلها إلاَّ الطلاب الأفذاذ جداً . وقد علمت عنه قبل أشهر قلائل أنه يعمل طبيباً بإحدى مستشفيات المدينة المنورة – فهنيئاً له – وقد اتصلت به هاتفياً قبل فترةٍ وأعدنا تلك الذكريات الطيبة.

مما أذكره عندما انتقلنا للمدرسة الجديدة التي تقع في الجنوب الشرقي للهلالية , قُبِل صبيٌ صغيرٌ بالصف الأول بالدفعة التي بعدنا اسمه محمد الفضل أطال الله عمره من قرية " ود الفضل "شرق رفاعة وهو من نفس قرية زميلنا بابكر نور الدائم الذي كان ممتازاً في الرياضيات . والذي أطلق عليه الزملاء لقب "حبُّوبة " – لدرجة أن سأل المدير في إحدى حصص الإنجليزي الأخ عكاشة تاي السيد أطال الله عمره وهو من أبناء الهلالية سأله المدير Where are you sitting ? أي " أين تجلس ؟ " فأجاب في براءة تامة I am sitting between siddieg and habooba . أي : أنا أجلس بين صديق وحبوبة – فضحكنا كثيراً وتعجب المدير من اسم حبوبة وضحك كثيراً بعد أن عرف السر . وقد التحق عكاشة بالكلية الحربية وتخرج ضابطاً والتقيت به في حج عام 1983م.
بعد انتهاء الإجازة الصيفية
عاد الاخ محمد الفضل بالصف الثاني وكفاه وقدماه مخضبتان بالحناء , وعندما سألناه عن سبب تلك الحناء قال لنا أنه قد تم ختانه في نهاية إجازة الصيف تلك !!
مما لا أنساه أبداً في العام الدراسي 1961م/ 1962م وكنت أيامها بالصف الثاني أن بعث لنا الخال عابدين عبد الحفيظ برسالة مطولة أكثر من عشر صفحات فلسكاب , وكان قد أنتدب للعمل في مدارس المملكة العربية السعودية , حيث قص علينا رحلته بالتفصيل إلى أن استقر به المقام بقرية الهدار الواقعة بالقرب من مدينة " الأفلاج " التي تسمى أيضاً بإسم " ليلى " وهي بالمنطقة الوسطى على بعد ثلاث ساعات من الخرج . ثم بدأ يحدثنا عن عيون الأفلاج التي سبح فيها بين دهشة الناس – ثم سرد لنا قصة الإسم " ليلى " حيث ذكر لنا أنها مقر الشاعر " قيس بن الملوَّح " ومحبوبته "ليلى " التي تاه بحبها قائلا:-
أمرُّ بالدِّيار ديار ليلى * أُقبِّل ذا الجِّدار وذا الجِّدار
وما حُبُّ الدِّيار شغفن قلبي * ولكن حُبُّ من سكن الديار
ثم مضى يسرد لنا أن قيس بن الملوَّح عندما سمع بالنبي صلوات الله عليه أعدَّ قصيدةً عصماء في مدح النبي وذهب ليعلن إسلامه – لكن في منتصف الطريق لحق به قومه واثنوه عن الذهاب وعرضوا عليه مئةً من الإبل – لكن في طريق عودته سقط من ناقته واندكَّت عنقه .

كان معلم اللغة العربية – عبد المنعم علي كارا – أطال الله عمره – وهو من مواطني رفاعة – يشجعنا على الاشتراك في الجمعية الأدبية مساءً – وكنت وقتها معجباً بالمادة الدسمة في خطاب الخال عابدين – وأقوم باقتباس أجزاءِ منه وأقدمها في الجمعية الأدبية – ولقد لقت قبولا وإعجاباً كثيراً , لاسيما قصة قيس بن الملوّح تلك . فالشكر موصول للخال عابدين ولأستاذي الجليل الذي حبب إلينا مادة اللغة العربية وجعلنا نتنافس في الأدب والتعبير كما علمنا شيئاً من العروض حيث كان يقول لنا :-
كُرةٌ ضُربت بمصالجها * فتلقَّفها رجلٌ رجلٌ .
كانت الداخلية تتكون من ثلاث عنابر هي عنبر الجنيد وعنبر أبي سقرة – لكني نسيت اسم العنبر الثالث . وكان الأخ حي الله كالمدو من أبناء رفاعة هو المسئول الأول عنها .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الخميس نوفمبر 04, 2010 11:26 am عدل 8 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الخميس أبريل 15, 2010 12:52 pm

الأخ وجدي الطيب نقد
أشكرك كثيراً على متابعتك لذكريات في حياتي والإشادة بها
وأعدك بأنني سأتناول الصعاب التي واجهت الكثير من الشباب في عدم مواصلة دراستهم بالمراحل الوسطى والثانوية والجامعية في ذلك الأوان .لكن سأ فرد لها حيزاً اًخر بعد انتهائي من تلك الذكريات .

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty تابع : ذكريات في حياتي الجزء الرابع

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الأحد مايو 02, 2010 12:44 pm

تابع:

إلى جانب الجمعية الأدبية فقد كان هنالك اهتمام كبير بالمسرح وكان الأخ محمد فزع السماني – متعه الله بالصحة والعافية – من أبرع وأميز الممثلين خاصة في الجانب الفكاهي ويذكرني به حالياً الممثل السعودي عبد الله السدحان ولقد التقيت به عدة مرات سواء أثناء دراستي بالثانوية أو الجامعة وبعد أن تخرجت وصرت معلماً للغة الانجليزية برفاعة الثانوية – أذكر منها عندما تزوج ، ذهبت لزواجه برفقة الأخ الحاج محمد إبراهيم – أطال الله عمره- وهو من قرية أم حريزات شرق رفاعة والأخ حي الله كالمدو - كما التقيت به وهو معلمً بمدرسة زرقة الوسطى مرتين عندما كنت مشرفاً علي امتحانات الشهادة الوسطى وأنا معلم برفاعة الثانوية فأعدنا ذكريات الهلالية العطرة ، منها يوم جلسنا لاختبار الإملاء العربية عام 1964م ، قام بإملائنا أحد المشرفين وهو مصري الجنسية – كان عنوان الإملاء ( عام الرمادة ) وكانت لهجته غريبة علينا إذ كان ينطق كلمة " ذاك " " ذك " إذ يقول " وكان عام الرمادة ذك .... فخرجنا محتارين كل يردد جملته تلك بلهجته وبالذات محمد فزع ( وكان عام الرمادة ذك ) وخفنا أن يأتينا في الإملاء الإنجليزية وينطق علينا الكلمات بطريقة لا نعرفها ، لذا فطلبنا من معلمنا الفاضل عثمان الخواض أن يملي علينا كلمات الإنجليزي – وقد كان – أذكر أنني أخطأت في كلمة واحدةٍ هي كلمة rough إذ غابت عني تماماً مع رهبة الاختبارات وكتبنها ruf على وزن rug التي كنت معجباً بترديد حروفها وكان يعيد ترديد حروفها معي زميلي العزيز محمد صديق الإمام – أطال الله عمره – من قرية الفعج شرق مدني – محتاراً لم – أقوم بترديدها رغم أنها من الكلمات البسيطة والسهلة – محمد صديق واحدٌ من أولئك الذين تمكنوا من دخول جامعة الخرطوم كلية البيطرة ولا أدري إن كان يقيم بالسودان أم اغترب عنه .

عندما كنا بالصف الثالث عام 1963م أعد الأستاذ محجوب البشير مسرحية " بامسيكا " واختار لبطولتها الأخ الأمين دفع الله في دور " بامسيكا " الذي أجاد وأبدع فيه – والأمين دفع الله واحدٌ من أولئك الذين تمكنوا من دخول جامعة الخرطوم كلية البيطرة أيضاً – كما اختار الأخ الجيلاني محمد الطيب - تغمده الله بواسع رحمته وأحسن إليه – في دور " نايل " الذي أجاد وأبدع فيه أيضاً . وبجانب مهارة الأخ الجيلاني في التمثيل فقد كان عازفاً ماهراً للمزمار – يطربنا به ونحن في منزل " المشرف " الذي كان أول داخليةٍ لنا ، كما كان لاعب كرة قدم بارع وممتاز وكان رئيساً لعنبر بالداخلية وقد التقيت به بمدرسة حنتوب الثانوية أثناء عملي بها كمعلم للغة الإنجليزية ما بين عام 1980م وعام 1982م ومنها جئت للمملكة مع بدايات الملك فهد بن عبد العزيز عليه رحمة الله . ويوم جئت لمدرسة حنتوب الثانوية التي درس بها الأخ الجيلاني وجدته رئيساً للكتبة بمدرسة حنتوب الثانوية – وهو من أبناء البشاقرة التي كان منها أيضاً الأخ صديق يوسف الذي كان طالباً ممتازاً رغم تأتأته وكانت عليه شلوخ IT على خد وعلى الأخر 111 .
لكني غير متأكد إن كان قد دخل جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد أم لا .

كنا نتابع بشغف شديد بروفات مسرحية بامسيكا لدرجة أن قمت بحفظها عن ظهر قلب – وظلت بذاكرتي إلى عام 1968م وهو العام الذي جلسنا فيه لاختبار الشهادة السودانية . وفي إجازة ذلك العام الذي كنا ننتظر فيه النتيجة فكر الشباب بقرية الدناقلة القيام بنشاط ثقافي ومسرحيٍ وترفيهيٍ فعرضت عليهم مسرحية " بامسيكا " وشرحت لهم ملابسات أحداثها فأعجبوا بها واختاروني لدور " بامسيكا " واختاروا الأخ محمود محمد أحمد صديق – أطال الله عمره – لدور نايل – كما اختاروا الأخ كمال الأمين الكامل – أمد الله في أيامه – لدور حمدان عم بامسيكا واختاروا الأخ أحمد إبراهيم الحاج – تغمده الله بواسع رحمته – في دور زيدان ز ولقد لقت المسرحية إعجاباً وقبولاً كبيراً رغم أنني لم أكن متميزاً في الدوبيت . وصرت أسمي بــ( بامسيكا ) في القرية لسنوات طويلة .

كنا مجموعة من الذين اختبروا للشهادة السودانية ذلك العام – وكان من اختبر معي في ذلك العام الأخ عبد الله الحسن والأخ عابدين محمد العطايا – أطال الله أعمارهما . والأخوان محمود محمد أحمد صديق . وكمال الأمين الكامل وأحمد إبراهيم الحاج والأخت أمنة محمد سعيد – أطال الله عمرها – وكانت هي أول فتاةٍ من القرية تصل لتلك المرحلة وقد تزوجها الأخ عبد الرحمن الأمين الفكي صالح عندما كان معلماً بالسودان لمادتي اللغة الإنجليزية والتاريخ بالمرحلة الثانوية وكانت الأخت أمنة محمد سعيد تعمل أيضاً معلمة بالمرحلة الوسطى . وقد تم انتدابهما للعمل بالمدارس السعودية بمنطقة القصيم بوسط المملكة حيث عملا هنالك لعدة سنوات ثم حولا انتدابهما إلى تعاقدٍ شخصيٍ وعملا لفترة أيضاً إلى أن أنهيت خدماتها – عمل بعدها الأخ عبد الرحمن مترجماً للغة الإنجليزية بينما فضلت الأخت أمنة البقاء في المنزل لرعاية أبنائها إلى أن غادرا المملكة واستقرا بالسودان .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الجمعة أغسطس 20, 2010 8:27 pm عدل 4 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty تابع : ذكريات في حياتي الحلقة الخامسة

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الإثنين يوليو 26, 2010 4:43 pm

الحلقة الخامسة :

عندما ظهرت نتيجة الشهادة السودانية حصلت أنا على Grade 2 ودخلت كلية الآداب جامعة الخرطوم رغم أنني كنت أحس أن أدائي في الاختبارات ربما لا يؤهلني لنيل أي درجة، بل أن أفضل مادة أديت فيها أداءً ممتازاً هي مادة التاريخ التي حصلت على أدنى درجة فيها وهي pass فقط رغم أن أستاذي الذي أصبح زميل لي فيما بعد أستاذ خالد الحاج أطال الله عمره قد أبلى معنا بلاءً حسناً وأخلص معنا أيما إخلاص - ولقد حصل معظم طلاب الدفعة على درجة pass في مادته أيضاً بينما حصل الذين كتبواً مقالاتٍ بطريقة مختلفة وبأسلوبهم الخاص حصلوا على تقديرات مرموقةٍ جداً .

كانت أفضل التقديرات التي حصلت عليها في الشهادة ذلك العام هي في اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي ثم اللغة العربية – ثم الجغرافيا ثم العلوم ثم أخيراً التاريخ – وخلت شهادتي تماماً من الرياضيات – ولا أذيع سراً إن قلت أنني عندما اختبرت كنت أحس بأن مستواي كان هو ذلك الذي كان بالمرحلة الوسطى – لما أصابني من صدمة و إحباط شديد عندما قبل معظم زملاء دفعتي بحنتوب الثانوية وقبلت أنا وزميلي حي الله كالمدو برفاعة الثانوية التي تم افتتاحها إرتجالياً و حولت من مدرسة وسطى إلى مدرسة ثانوية عام 1963 م دون وجود مقومات المدارس الثانوية التي كانت تتواجد بحنتوب ووادي سيدنا وخور طقت .

كنت محباً للقراءة بالمرحلة الوسطى لدرجة أن كنت أقرأ بضوء القمر عندما تطفأ الرتائن ليلاً – وعندما قبلت برفاعة انسدت نفسي تماماً عن القراءة – وما حز في نفسي أنني كنت أول الدفعة بآ خر إختبار بالصف الرابع بالهلالية الوسطى – بكيت وحزنت كثيراً على مفارقة الرفاق و على حظي الرديء الذي أوقعني بتلك المدرسة الناشئة والتي كانت تفتقد كل شيء – لكني رضيت بقدري و نصيبي لأن أبي عبأ إستمارة القبول للمرحلة الثانوية بصدقٍ بإعتبار أنه يعمل بيطري برفاعة – ولم يجعل عنوانه و مسكنه قرية الدناقلة . ووقع الأخ حي الله في نفس الخطأ – لكن الفاتح العمدة – أطال الله عمره – كان ذكياً و تنبه إلى ذلك وقبل بحنتوب الثانوية وعندما قبلت بمدرسة رفاعة لم أفكر حتى في الذهاب للهلالية لإستلام شهادتي ومعرفة الدرجات التي حصلت عليها والمجموع الذي حصلت عليه – وحتى الآن لا أعلم عنها شيئاً ، فالفرح هو الذي يدفع الإنسان للذهاب لا الحزن والإكتئاب .

وقد حصل الأخ كمال الأمين الكامل على grade 2 وكان قد حدد رغبته معهد المعلمين العالي ، لكن تقديره في اللغة الإنجليزية لم يؤهله للقبول و انخرط في العمل كمعلم بالمرحلة الوسطى – أما بقية الشباب فقد حصلوا على grade3 حيث عمل عابدين معلماً بالمرحلة الوسطى وكذلك الأخت آمنة أما محمود و عبدالله و أحمد فقد عملوا مدرسين بالمدارس الوسطى لفترة قصيرةٍ دون السنة ثم التحقوا بالكلية الحربية وتخرجوا ضباطاً ثم تدرجوا إلى أن حصلوا على رتبٍ عاليةٍ – لكن في بدايات الإنقاذ أحيل كل من الأخ محمود والأخ عبدالله إلى التقاعد رغم سجلهما الناصع البياض ، رغم أدائهما المشرف الممتاز ، فيا للتقييم الجائر !!

أما أحمد فقد فارق الحياة على يد أحد المعتوهين تغمده الله بواسع رحمته .

كان العم محمد – أطال الله عمره – إن كان من الأحياء ، هو غفير و حارس المدرسة والداخليات وهو من مواطني الهلالية. كنا نلقبه (( الكوز )) وكان رجلاً طيباً و يعاملنا معاملةً كريمةً ويتحدث إلينا بكل شوق و لطف وكان لنا بمثابة الأب والجد – جعل الله كل ذلك في ميزان حسناته .

كانت الأدبخانات التي تسمى الان دورات مياه تابعةً للداخليات والفصول – كانت أدبخانات سايفون ولم تكن حفراً عادية – لكن الطلاب أساءوا استعمالها بالحجارة والطوب .

خرجنا ذات يوم لفسحة الفطور وعندما توجهنا للسفرة وجدنا إعلاناً كبيراً مكتوباً على قماشٍ ومثبت على حائط الأدبخانات يقول (( لا تستعمل غير الماء وأكثر منه )) فصرنا نتجادل في قراءة كلمة " تستعمل " هل هي مبنيةٌ للمعلوم أم هي مبنية للمجهول – وكلمة " أكثر " هل هي فعل أمر أم هي صيغة مقارنة .

عندما رجعنا بعد الفطور طلب منا الإصطفاف في طابور في ساحة المدرسة – وجاء المدير متحدثاً إلينا في غيظٍ شديد عن سوء استعمالنا لأدبخانات السايفون – وأحضر كرسي على المصطبة وسوط عنج وتم استدعاؤنا طالباً طالباً وعوقبنا جميعاً عقاباً شديداً وكان كل معلم ينهكه الجلد يعطي السوط لمعلم آخر . ومن يومها استعملنا أدبخانات السايفون استعمالاً صحيحاً بالماء فقط والإكثار منه ، لا بالحجارة والطوب.


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أكتوبر 17, 2010 12:16 pm عدل 6 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف fathi الجمعة يوليو 30, 2010 9:29 pm

الاستاذ يسن المبارك تحية ودٍ واحترام
في متابعة ذكرياتك الانيقة يعترينا شيئ اكثر من الاعجاب لنسق الكلمات وترتيب الاحداث وهناك ايضا شعور بالحنين لمغازي الامكنة ودلالاتها رغم اننا لم نعايش ونزامن تلك الفترة.
تجول بنا في دفتر ذكرياتك وتفتح لنا رقراقا يهب بنسمة ويطل ببراحاتة علي رفاعة مدينتى الفاضلة وشرقها المحبوب.
ذكرياتك هذة استاذ يسين تدوين متقن وسلس للماضي لا يخلو علي الاطلاق من وجدانية عميقة في التعبير تعطينا هنا الفكرة باختصار في عبارات وجمل موجزة ليس فيها تطويل مع روعة في صياغة البساطة وقمة التجويد.
واكثر ما لفت انتباهي الدعوات الجميلة التى تتنزل منك علي الشخوص احياءاً كانوا او اموات فيض راقي من الالفة والمشاعر النبيلة لهؤلاء وكلهم وجدتهم عندك طيبون وجوة متعددة مرت علي شريط ذكرياتك كانت حقا مفرحة ورائعة واشعرتنا كم كانت وقتها الحياة جميلة وبسيطة وامنة.كل الامنيات لك الاستاذ يسن بالصحة ونحن في انتظار المزيد
fathi
fathi
عضو لجنة دستور

عدد الرسائل : 539
بلد الإقامة : norway
الإسم الكامل : Fathi Alhassan yousif Ahmed
نقاط : 6159
تاريخ التسجيل : 18/10/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الأحد أغسطس 08, 2010 10:17 am

عزيزي فتحي
الشكر كل الشكر لك على اشادتك وثنائك الراقي ، العطر، المنمق الذي أتحفتني به .
واًمل أن يعينني المولى عز وجل على مواصلة المشوار مع أجمل أمنياتي وتقديري لك.


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الجمعة أغسطس 20, 2010 8:24 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty تابع ذكريات في حياتي _ الجزء الرابع

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل الثلاثاء أغسطس 10, 2010 8:39 am

الحلقة السادسة

في الصف الثالث جاء الأستاذ الفاضل مولانا البشير محمد على تغمده الله بواسع رحمته وهو من مواطني " ود راوة " ويعود الفضل في تفوقنا في قواعد اللغة العربية بعد الله إلى الأستاذ الجليل البشير محمد علي – الذي أكمل الأساس الذي بدأه الأستاذ الفاضل عبد المنعم على كارا – فقد سقانا وأشربنا قواعد اللغة العربية بحيث صارت من أمتع المواد بالنسبة لنا ، كما علمنا كثيراً من أمور الفقه التي كنا نجهلها في حياتنا أوانذاك – جعل الله كل ذلك في موازين حسناته – وقد عاصرت الأستاذ البشير معلماً في رفاعة الثانوية كوكيل للمدرسة .

من الذكريات التي لا أنساها أن أعطانا الأستاذ البشير اختباراً في القواعد وكان قد أعطى زميلنا أبا عاقلة يوسف أطال الله عمره وهو من أبناء الهلالية – أعطاه 21 درجة من 20 .
وبعد العصر جاء مولانا البشير ليلعب معنا كرة طائرة وهو يرتدي رداءً واسعاً وعريضاً – وأثناء اللعب ذكرناه أنه أعطى أبا عاقلة 21 من 20 فما كان منه إلا أن وضع يديه على رأسه محتاراً . ومن أغرب الأشياء أن الأخ أبا عاقلة يوسف غضب عندما أخبرنا مولانا بخطئه ، كنا نلقب الأخ أبا عاقلة يوسف بـ (قليلتي) التي أطلقها عليه الأخ المرح الحاج محمد إبراهيم وذلك لأنه كان قصيراً وذا كرشٍ بارزة للأمام – كان الأخ أبو عاقلة ممتازا في كل المواد حريصاً جداً ألا ينقص عليه ولو جزء من درجة ، وكان ينادي مستعيناً بالبركة " يا أبواتي " – وقد تخرج من كلية البيطرة بجامعة الخرطوم .
كانت أنشطتنا بالمدرسة تشتمل على لعب كرة القدم وكرة السلة – وكرة الطائرة . كان هنالك ميدانان لكرة القدم خارج سور المدرسة والداخليات الذي كان عبارة عن سلك شائك بينما كان ميدانا كرة السلة وكرة الطائرة بداخل سور المدرسة والداخليات ، وقد برز كثيرٌ من الزملاء في المجال الرياضي . أما يوم الجمعة فكنا نذهب إلى الجنائن الواقعة على ضفة النيل ونستمتع بالهواء العليل والجو الصحو والطيور الصداحة .

أذكر في أحد أيام الجُّمع أن صعد مجموعة من زملائنا مئذنة المسجد بعد إنتهاء صلاة الجمعة – وكان هنالك خلية للنحل بأعلى المئذنة – فما أن وصلوا إلى أعلاها إلا أن داهمتهم أسراب من النحل – فنزلوا من المئذنة يركضون وأسراب النحل تطاردهم إلى أن وصلوا إلى الداخليات و وجوههم منتفخة بسبب لسعات النحل – وكان ذلك يوم لا ينسى – وكان من أكثر الذين أصيبوا الأخ عبد القادر محمد طه من أبناء قرية النوبة والذي كان يلقِّبه العم محمد بأب كساوي. أما عندما كنا بالسنة الأولى بمنزل " المشرف " فكنا نلعب شدت ( العيتنوبة ) التي كان بارعاً فيها الأخ بابكر نور الدائم – كما كنا نلعب كرة قدم بكرة " الشراب " وكان يأتي للعب معنا أحد أبناء الهلالية – لا أدري أين كان يدرس, وكنا نلقبه بـ (الضيف) .

كان من أمهر لاعبي كرة القدم الأخ الفاتح العمدة من أبناء رفاعة الذي تمكن من دخول كلية الطب بجامعة الخرطوم ، لكنه قطع دراسته وانقطعت أخباره في خضم الحياة العريضة .
وكان من اللاعبين الماهرين في كرة القدم الأخ الجيلاني محمد الطيب و الأخ سيد المهدي أطال الله عمره من قرية المسيد و الأخ عبد العزيز محمد عبد القادر أمد الله في أيامه – من أبناء كترانج والذي أعتقد أنه قد إلتحق بالكلية الحربية وتخرج ضابطاً – كما كان من أميز لاعبي الدفاع الأخ حي الله كالمدو – من أبناء رفاعة – والذي كان رئيساً للداخلية الأولى ثم الداخلية الجديدة الثانية – وقد تم قبوله معي برفاعة الثانوية لكنه لم يواصل فيها إذ قطع دراسته بالصف الثاني و التحق بمعاهد المعلمين وأصبح معلماً بالمدارس الإبتدائية – كما كان الأخ عبد الله دلدوم من أبناء رفاعة لاعباً ممتازاً في الدفاع لكنه نقل إلى مدرسة رفاعة الأميرية ونحن بالصف الثالث .

أما الوسيلة عمر أحمد أطال الله عمره وهو من أبناء التراجمة شرق رفاعة فقد كان أميز لاعب في كرة السلة أما الكرة الطائرة فقد برع فيها الكثير من الطلاب – ولقد كان المدير عثمان حسن الريح له الدور الأكبر والقدح المعلَّى في تعلم الكثير من الزملاء لعب الكرة الطائرة – كما كان هو أيضاً لاعباً ممتازاً في كرة الطائرة – تعلَّمنا منه تحكيم مباريات كرة الطائرة ومفرداتها الإنجليزية .


عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أكتوبر 17, 2010 12:53 pm عدل 2 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty ذكريـــات في حيــاتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل السبت أغسطس 21, 2010 7:55 pm

الحلقة السابعة :

عندما عدنا من إجازة الصيف وكنا قد أكملنا الصف الثالث ورجعنا للبدء في الصف الرابع ، صدمنا كثيراً ، إذ لم نجد المدير عثمان حسن الريح وعلمنا أنه قد تم نقله وسد مكانه أحد المولانات عليه رحمة الله مربوع القامة ويرتدي قفطاناً – وقد فاتني اسمه للأسف الشديد – وكان يقوم بتدريسنا مادة اللغة العربية وكنا ندخل معه في مجادلات طويلة ٍ في حصة القواعد التي برعنا في مادتها وبالأخص الإعراب – وكان دائما يكون رأينا هو الصائب مما حدا به أن يقول لي ( يا ياسين إنت درست في المعاهد العلمية ؟ ! ) – ونسبةً لحجمه و قفطانه فقد أطلق عليه الزملاء لقب (( الخموم )) وكتب البعض قصائد يقارنون بينه وبين المدير السابق , لكن في اللغة الانجليزية فقد عوضنا الله خيراً إذ سد مكان المدير الأستاذ المتمكن الرائع عثمان عوض الخواض ( من أبناء مدني ) , أما التاريخ فقد قام بتدريسنا له الأستاذ المقتدر خليل - أطال الله عمره – وهو من أبناء الهلالية وكنا نلقبه بـ(بعانخي) على ملك مصر والسودان في التاريخ القديم .

كما قام بتدريسنا مادة الرياضيات بالصفين الثالث والرابع الأستاذ المخلص فاروق الحسين – أمد الله في أيامه – وهو من مواطني رفاعة , كما كان يقوم بتدريسنا أيضاً مادة الجغرافيا بالصف الرابع ببراعة وقدرة فائقه علماً بأن الجغرافيا كانت من أصعب المواد بالمرحلة الوسطى لأنها كانت تحتاج إلى معرفة بكل العالم من جميع نواحيه – فالشكر موصول له .

وقرب نهاية العام ونحن بالصف الرابع حدث أمران هامان – الأول السطو على مخزن الكتب بالمدرسة ليلاً وأخذ كتب منه _ وقد لا يكون القصد من ذلك سرقة _ وإنما قصد به إحراج المدير الجديد ألذي لم يرق للكثير من الطلاب وقد كانت أصابع الإتهام تشير إلى الزملاء : محمد علي صالح - وحي الله كالمدو – والفاتح العمدة , رغم أنهم كانوا من كبار المسئولين عن الداخليات .

أما الأمر الثاني فهو زيارتنا لعَّرافة برنكو التي ذاع صيتها في جميع أرجاء السودان – غفر الله لنا – فما كنا في تلك السن نعرف حرمة ذلك الشيء.
أذكر قبيل إمتحان الشهادة للمرحلة الثانوية أن فكًّر مجموعةٌ من زملاء دفعتنا الذهاب إلى برنكو لمعرفة مصيرنا في ذلك الإمتحان. وبرنكو قريةٌ صغيرةٌ تبعد على بعد أقل من خمسة كيلو مترات شمال الهلالية – كانت قد اشتهرت تلك العرافة في أواسط الستينيات ونحن في الصف الرابع عام 1964 مـ - وكانت تعرف بـ( مرة برنكو ) أي إمراة برنكو .

كنا نحن في حدود العشر إو دون ذلك – قررنا الذهاب إليها في صباح يوم جمعة – لأنه كان هو اليوم الوحيد المسموح لنا بالخروج فيه من الداخلية – ومن كان يريد الذهاب إلى أهله يسمح له بالذهاب بعد انتهاء اليوم الدراسي نهاية الأسبوع وهو يوم الخميس أما من لم تكن له رغبة في الذهاب لبرنكو فقد أعطانا ما يسمى بـ( علقة ) وهي قطعة صغيرة من ملابسه أو خيطّ .
توجهنا صباحاً مشياً على الأقدام . وأذكر من الذين رافقوني الأخوين محمد فزع السماني ومحمدِّ صديق الإمام . عندما وصلنا إلى دار حبيبة وجدناها واقفةً و ممسكةً بشعبةً أي بعمود عند مدخل الراكوبة الملاصقة لغرفة الطين الخاصَّة بها . ونحن نقترب منها سمعناها تنادي لشخصٍ قادمٍ وهو يمتطي حماره وتقول له ( يا فلان .... فلان هو الذي سرق (( راديك )) أي الراديو الخاص بك. 

عندما جاء دورنا كان الواحد منا يجلس على الأرض عند قدميها ويضع ما يسمى بـ( بياض ) وقد كان ذلك عبارة عن ( شلن ) من الفضة مقداره خمسة قروش ومن كان معه ( علقةٌ ) من زملائه يضعها أيضاً مع ( البياض ) .
عندما جاء دوري جلست أرضاً عند قدميها وأخذت حبات ( الودع ) أي الصدف الأبيض – لأنثرها أمامها ، تضايقت من رائحة البول التي كانت تنبعث منها بشدةُ . وصرت كلما أرمي حبات الودع تسألني ( فلان ببقى ليك شنو ؟ ... فلانة بتبقى ليك شنو ؟ ) وكان كل الذين سألتني عنهم إما والدي أو أمِّي أوجدِّي أو جدّتي أو عمَّي أو أخي أو أختي – كما قالت للأخ محمد صديق الإمام ( إنت بتروح أم بدة وبتصرف الفضة ) . ثم فجأة سألتني سؤالاً أزعجني قائلة ( إنت حنتوب ما عايزها ولا شنو ؟! ) فأجبتها بإندفاع شديد ( ليه ؟ عايزها ! ) وعندما ظهرت النتيجة ووزع الطلاب الناجحين على المدارس الثانوية – قبل ثلاث وثلاثين من دفعتنا بحنتوب الثانوية وأربع بالمعاهد العلمية – واثنان برفاعة الثانوية هما أنا وزميلي حي الله كالمدو – رغم أنني كنت أول الدفعة في آخر إختبار بالصف الرابع .

وفي الصف الأول بمدرسة رفاعة الثانوية – في بداية العام الدراسي طلب منا أستاذنا المقتدر محمد علي الخليفةً – اطال الله عمره – أن نكتب تعبيراً عن ( كيف قضيت إجازة الصيف واصفاً كل ما حدث فيها ) فكتبت تعبيراً رائعاً وصفت فيه إحباطي النفسي وحزني العميق لمفارقة الزملاء – ولضياع جنة الفردوس التي كنت أحلم بها – ثم سردت في أخر التعبير ما دار بيني وبين حبيبة إمراة برنكو ثم ختمت تعبيري بتوجيه سؤال إلى معلمي القدير ( فماذا تقول ؟ ) وعندما أرجع لنا دفاتر التعبير – وجدته قد أثنى على تعبيري وأشاد به وأعطاني تقدير ممتاز – ثم علق قائلاً :- تقول كما قال الرسول ( كذب المنجمون ولو صدقوا ) أو كما قال الشاعر :-
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى *** ولا زاجرات الطير مالله صانع


فإرتاحت نفسي وهدأ بالي وأيقنت أن كل شيء بمشيئة الله تعالى ولا راد لقدره إلا هو . فكل شيء قدره تقديراً , وما تشاءون إلا أن يشاء الله . فالحمد له من قبل ومن بعد .

ولا أدري إن كان الأخ محمد صديق الإمام بعد أن تخرج من كلية البيطرة جامعة الخرطوم قد عمل بأم بدة وصرف الفضة أم لا . و ( الفضة ) هنا كناية عن الأموال .




عدل سابقا من قبل ياسين مبارك الفاضل في الأحد أكتوبر 17, 2010 12:20 pm عدل 1 مرات

ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty ذكريــات في حيــاتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل السبت أغسطس 21, 2010 8:21 pm

الحلقة الثامنة :

عندما التحقت بمدرسة رفاعة الثانوية وأنا لتوي بالصف الأول اندلعت الثورة الشعبية للحادي والعشرون من أكتوبر عام 1964 م على نظام الفريق إبراهيم عبود عليه رحمة الله الذي قاد انقلاباً عسكرياً في 17 نوفمبر 1957 م على أول حكومة وطنية منتخبة بعد استقلال السودان – أثر مقتل الطالب محمد القرشي بجامعة الخرطوم – وليتها لم تندلع – فقد بكى عليها الناس كثيراً بعد أن زالت , للرخاء والخير الكثير الذي كان موجوداً لدرجة أن كانت تباع جريدة الثورة ذات الصفحات الكثيرة والعريضة بقرش واحدٍ فقط – وكان الناس يقولون عنها ( البرش بي قرش ) .

وقد عمت هذه الثورة جميع أنحاء السودان , حيث انتفض الشعب بصورةٍ لم يشهد لها مثيل قطٌ فاقت انتفاضة ابريل 1985 م ضد نظام المشير جعفر محمد النميري عليه رحمة الله . كانت أناشيد تلك الثورة ملتهبة ولها نكهةٌ وطعمٌ خاصٌ خاصةً أناشيد الفنانين محمد وردي ومحمد الأمين أطال الله أعمارهما . فقد كان لمحمد الأمين ذلك النشيد الملحمة الرائع العنيف – الذي نظم أحد زملائنا بجامعة الخرطوم على نسقه ذلك البيت ونحن متجهين إلى السفرة العامرة بجامعة الخرطوم
الفول , العدس , الجنا جداد ** السفرة طريقنا إلى الأكباد



وكلن لمحمد وردي نشيد (( أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق )) , ونشيد :
اليوم نرفع راية استقلالنا ** ويسطر التاريخ مولد شعبنا
يــا موطني


كان الزي المسموح به في المدارس الثانوية أو آنذاك عبارة عن رداء كاكي فوق الركبتين وقميص أبيض . أما للتدريب العسكري الذي كان يطلق عليه اسم ( الكديت ) فكان يصرف لنا لبساً عسكرياً و حذاء متين ( BOOT ) وقبعة كاكية (CAP ) . أما البنطلون فقد كان يمنع منعاً باتاً ولا يسمح بلبسه على الإطلاق حتى لو كنت داخل المدينة أو كنت مسافراً – وكل من يشاهد مرتدياً بنطلولاً – وكان ذلك نادراً جداً –يعاقب عقاباً شديداً بالمدرسة – وكذلك من يشاهد وهو يدخن .

وما عرفنا البناطلين و ارتديناها إلا بعد دخولنا الجامعة حيث كانت اللبس الموحد لجميع الطلاب – وكان الطالب الوحيد الذي يرتدي جلابية أثناء فترتي بجامعة الخرطوم مولانا العلامة التقي جعفر ميرغني إمام مسجد داخليات ( البركس ) حفظه الله ورعاه . أما الطالبات بالجامعة فكن يرتدين الثوب الأبيض السادة – وكن محتشمات أنيقات – وكانت اللائي يلبسن الموضة أي الإسكيرت والبلوزة ( skirt and blouse) فهن بنات الأفرنج من الأقباط والأغاريق – ومن هن أجنبيات من خارج السودان مثل ريتا (Rita) الحبشية و أخرى صومالية ولم يظهر لبس البنطلون أو آنذاك عندهن .

كان العم محمد علي رحمة – متعه الله بالصحة والعافية إن كان من الأحباء – الصُّول بمدرسة رفاعة الثانوية – كان رجلاً طيباً وفاضلاً يعاملنا كأبنائه ويتحاشى عقابنا بقدر المستطاع . كنا نستمتع معه في حصة الكديت ( التدريب العسكري ) التي تكون عصراً – كان يطلب منا أن نردد هذه العبارات في شكل مجموعة :-

( نحن قبيل شن قلنا ؟ ** قلنا الطير بياكلنا )
( نحن جنود ما بنخاف ** شايلين الموت على الأكتاف ).

لكنا عندما نرددها كنا نغير كلمتي الطير والموت إلى كلمة الصول بحيث تصير العبارتان كالتالي :-

( نحن قبيل شن قلنا ؟ ** قلنا الصول بياكلنا )
( نحن جنود ما بنخاف ** شايلين الصول على الأكتاف ) .



ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty ذكريـــات في حياتي

مُساهمة من طرف ياسين مبارك الفاضل السبت أغسطس 21, 2010 9:48 pm

الحلقة التاسعة :

لكن من أجمل الذكريات التي بقيت معي حتى الآن برفاعة الثانوية هي ذكريات الأستاذ القدير الفاتح مصطفى أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية .

كنا بالصف الثاني في العام الدراسي 1965م / 1966 م وكنا نفتقد معلماً للغة العربية . ذات صباح كنا جلوسٌ بالفصل إذ دخل علينا رجل أسود فارع الطول فانتبه الجميع إليه , وإذا به يحدثنا قائلاً ( لعلكم تعجبون من هذا الرجل الأسود الذي يقف أمامكم – فأنا بكل فخر أنتمي لقبيلة الدينكا فاجاك من جهة الأم , أما من جهة الأب فأنا انتمي إلى طائفة الأنصار المقيمين بأم درمان – وأنا سأقوم بتدريسكم مادة اللغة العربية - لغة القرآن الكريم الذي نعتز ونفخر به كما سأقوم بتدريسكم مادة التاريخ الإسلامي) . ثم كتب على السبورة أربعة أبيات بخط جميل وبديع لم أشهد له مثيلاً كأنها كتبت أمامي الآن .

كنت قصيراً وأرتدي نظارة طبية وأجلس في مقدمة الفصل , فإذا به يشير إلي بيده اليمنى قائلاً ( لعلك قارئ هذا ؟ )

فوقفت وقرأت الأبيات الأربع التي تقول :-
لقد أمرت بالبخل أم محمد ** فقلت لها حثي على البخل أحمدا
فإني امرؤٌ عودت نفسي عادةً ** وكل أمريء جار على ما تعودا
أحين بدا فالرأس شيب وقد غدت ** إلى بنو عيلان مثنى وموحدا
أردت سقاطي واعتلالي ونبوتي ** ورائك عني طالقاً وارحلي غداً



كانت طريقته في الشرح جذابةً سلسةً تذكرني بطريقة الأديب الفذ سراج الطيب عليه رحمة الله في برنامجه الإذاعي (( لسان العرب )) الذي كان يسبق نشرة التاسعة والنصف مساءً في إذاعة (( هنا أم درمان )) – ويبدو كلاهما قد درسا بالمعاهد العلمية العملاقة .

كان أستاذ الفاتح يشدك إليه شداً في مادتي الأدب العربي والتاريخ الإسلامي بأسلوب ممتع جذاب ولغة عربية فصحى فائقة الجمال والإتقان – ولو رجعنا لبيوت النشأة الأولى لوجدت الكثير من زملاء دفعتي يحتفظون بما أتحفهم به ذلك الأستاذ المبدع حفظه الله ورعاه – والحق يقال أن أستاذ الفاتح مصطفى من أفضل المعلمين الذين علموني اللغة العربية لغة الضاد – وظل الكثير مما نهلنا منه باقياً في الذاكرة والوجدان . ومما تعلمناه منه ما قيل في الجود الذي لا مثيل له :-
يجود بالنفس إن ضن الجواد بها ** والجود بالنفس أقصى غاية الجود



وما قاله حاتم الطائي في ليلةٍ ظلماء شديدة البرد والريح , حاثاً خادمه على إيقاد النار حتى تجلب الضيوف .
أوقد فإن الليل ليلٌ غر ** والريح يا موقد ريحٌ صر
عسى يرى نارك من يمر ** إن جلبت ضيفاً فأنت حر



ومما تعلمناه منه ما قيل في الشح والبخل الذي لا مثيل له :-
قوم إذا استنتج الأضياف كلبهم ** قالوا لأمهم بولي على النار
فأمسكت فرجها ضناً ببولتها ** ولم تجد منه إلا بمقدار



ومما زال باقياً بذاكرتنا عندما جذع الخليفة هارون الرشيد عند موت أحد أبنائه فدخل عليه حاجبه قائلاً له :-

(( إن الشعراء كُثرٌ وهم بالباب )) فقال له الخليفة (( قل لهم من أراد أن يصفني فلا يصفني بالأسد فإنه كلب فلاة ولا يصفني بالحية فأنها دويبةٌ منتنةٌ تأكل التراب )) فانصرف الجميع إلا شاعرٌ واحدٌ دخل عليه ثم أنشده :-
أمن المنون وريبها تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع
فإذا المنية أنشبت أظفارها ** ألفيت كل تميمةٍ لا تنفع



ومما بقي في الذاكرة والبال أن الأستاذ الفاتح قد خصص لنا أياماً لندرس فيها عصراً , وجئنا ذات يوم كعادتنا عصراً , فإذا بنا نجد قصاصةً على الباب كُتبً عليها (( عفواً أبنائي – لن أتمكن اليوم من المجيء إليكم – فقد هاج علي الدم )) . وتعجبنا من مقصده , وعلمنا لاحقاً أن هيجان الدم يعني إرتفاع ضغط دم الإنسان – فياله من أستاذ مبدعٍ !!



ياسين مبارك الفاضل
عضو مميز

عدد الرسائل : 109
بلد الإقامة : المملكة العربيه السعودية_ الرياض ( الخرج )
الإسم الكامل : ياسين مبارك الفاضل
نقاط : 6054
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ذكريــــات في حياتي Empty رد: ذكريــــات في حياتي

مُساهمة من طرف عمر الامين الإثنين أكتوبر 18, 2010 7:51 am

الاخ الاستاذ يسن مبارك الفاضل حفظه الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سعدت كثيرا بعد مروري علي حديث الذكريات عن ذلك الزمن الجميل. "و اجمل التاريخ ما كتبه الذين شاركوا فيه اذا كتبوه بصدق." كما جاء في مقدمة كتاب حياتي لبابكر بدري، فجزاك الله عنا خيرا. لي تعليق صغير جدا وهو اضافة ليس غير فقد ذكرت في الحلقة الرابعة انكم في الوسطي كان جيلكم ىخر جيل يلبس الجلابيةو لكن جيلنا لذين جاءوا بعدكم مباشرة فقد كنا الزي الرسمي في الوسطي نلبس الجلابية و العمامةو كان ذلك عام1964 في مدرسة الحوش الوسطي. لذا لزم التنويه.
اخوك عمر محمد احمد الامين

عمر الامين
عضو مميز

عدد الرسائل : 114
بلد الإقامة : المملكة العربية السعودية
الإسم الكامل : عمر محمد احمد الامين الحاج علي
نقاط : 5997
تاريخ التسجيل : 03/10/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى