إضافات عن المرحومة أم سموءل

بسم الله الرحمن الرحيم

كلما كتبت عن المرحومة شيئاً أتذكر فيما بعد أنني قد نسيت أشياءً كثيرةً . فحياتها والحمد الله حافلة ٌ ومليئةُ بالأعمال الطيبة والصالحة.
كانت المرحومة قد سخرها الله لعمل الخير وحب الناس ـ أياً كانوا ـ وخدمتهم ومساعدتهم في كل أمور دنياهم ـ وكانت تجد سعادةً غامرةً في ذلك .
كانت المرحومة حليمةً مسامحةً ، ما أساءت لأحدٍ ولا جرحت أحداً طوال حياتها ، بل كانت ترد الإساءة بالإحسان لأنها من بيت طيبين ، فالبيت الطيب لايخرج إلا طيباً .
كانت المرحومة كثيرة التسبيح ، وقد خلفت الكثير من مسبحاتها التي انفرطت والتي تحتاج إلى نظمٍ جديدٍ .
كانت المرحومة عطوفةً ، شفيقةً ، رهيفة الإحساس ، ذات قلبٍ رحيمٍ ، تحب العشرة وتألف الناس .
أذكر يوم أن رحل الأخ الفاضل إبراهيم القرشي وزوجته الفاضلة أم محمدٍ من الخرج للرياض ، حزنت المرحومة حزناً شديداً ونظمت قصيدةً موثرةً ، متحسرةً على فراقهم وابتعادهم عنها ، وتمنت لهما حياةً سعيدةً في مستقبل أيامهما
إن نسيت ، لا أنسى مواقف المرحومة النبيلة مع الابنة ميسون مالك أثناء خطوبتها الأولى ، كما لا أنسى توترها وبكاءها يوم تعثرت الابنة ماجدة مالك في وضوعها الأول حين كانت بالقرب منها مع والدتها شقيقتي أسماء .
ومما لا أنساه لها من فضلٍ وجميلٍ أنها في كل زيجات أشقائي هي التى كانت تقوم بشراء مستلزمات شنطهم ، وقد كانت تقاسي كثيراً في البحث والتنقيب مع حر الصيف الشديد بالمملكة ، وقد تكون حاملأ في شهورها الأخيرة .
أذكر قبل سنواتٍ أن كان مسجدا الأنصار والختمية بجزيرة الفيل في حاجةٍ ماسةٍ إلى مصاحف ، فسعت المرحومة سعيا ً حثيثاً أن تتحصل على عددٍ من الكراتين بمساعدةٍ كريمةٍ من الأخ الفاضل الأستاذ نور الدين زرقان وزجته الفاضلة أم مصطفى جزاهما الله خيراً ، وقامت بإرسالها مع بناتها حيث وزعت بين المسجدين.
كنا إذا دعينا بعض الصحاب إلى طعامٍ ، تكثر منه ولا ترضى أبداً بالشيء القليل والبسيط ، فقد قلت سابقاً أنها كريمةٌ جوادة ٌ كوالدها عليه رحمة الله وكوالدتها وإخوانها أطال الله أعمارهم جميعاً .
ومما لا أنساه للمرحومة أنها كانت دائماً توصينا بألا ندع طعاماً أو شراباً مكشوفاً ونتفادى تناوله . وكانت كلما أحست بمرضٍ أو ألمٍ ، تقوم برقية نفسها ، كما كانت ميالةً للتداوي بالأعشاب ، وتصف لصاحبتها فوائدها وتنصحهم وتوصيهم بالتداوي بها .
وبمثل ماعملت المرحومة لأخرها فقد عملت لدنياها ، لا تشبثاً بالدنيا ، وإنما عاملة ً بالحديث الشريف (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً .)
وكنت عندما أقول لها :"قللي من مشترياتك " تقول لي : " أنا أم بناتٍ ـ أنا لا أشتري لنفسي وإنما أشتري لبناتي ." فقد كانت تحب بناتها كثيراً وتتمنى لهن .خيراً، ولاترضى لهن نقصاً.
فهي مثل ذلك الرجل المسن الهرم الذي يقوم بغرس نخلةٍ ،عندما سئل لِمَ يقوم بغرسها وهو لن يبقى ليتذوق ثمرها ، قال : " أنا لا أغرسها لنفسي وإنما أغرسها لمن سيأتي بعدي ." عاملاً بالحديث الشريف( إذا قامت القيامة وكان بيد أحدكم فسيلةٌ ، فليغرسها ولا يدعها)
وكانت المرحومة تحب والدتها وأخواتها وإخوانها حباً كثيراً لا مثيل له ، وقد كانت قلقةً ومنزعجةً ومتوترةً عندما كانت أختها الصغرى عائشة بالعراق ، وكانت تتصل وتطمئن عليها من وقتٍ لآخر، وقد فرحت فرحاً عظيماًعندما عادت أختها وزوجها ،وأبناؤها بالسلامة من العراق قبل سنواتٍ . وقررت المرحومة أن تسافر لتستقبلهم بشوقٍ عميقٍ . ويوم أن توفيت أختها الشفة عليها رحمة الله اشتد حزنها وبكاؤها وزرفت عليها الدموع الغزار إلى أن لحقت بها .

اللهم جازها بالإحسان إحسانا .اللهم اجعل قبرها روضاً من رياض الجنة ، ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسلها بالماء والثلج والبرد يارب العالمين. [/b][/i][/justify][/justify][list][*]