شيخ سليمان

من طرف امين كمبوني السبت أكتوبر 04, 2008 2:37 pm

تحكر في مصلايته المصنوعة من الجلد و يحمل في يده مسبحة من اللالوب المتوسط الحبة مرتديا عراقيا قصير لا يكاد يستر كامل جسده و ذلك من شدة انكماشه لعدم وجود المكواة في ذلك الوقت و مركوبه النمر الخالي من الصوف تماما كما لو احدهم اجري عليه تجربة و لكن كل ذلك من اللهث و الجري وراء لقمة العيش و كف النفس عن سؤال الناس و حفظا للكرامة عزة النفس التي يعتبرها بطل قصتنا هذه اغلي ما يملك و لقد كان صائبا انها لاعظم من ذلك لو يعلم البعض منا اذ ان الكثيرين يفرط فيها لاتفه الاثمان و منهم من يندم علي ما فعل و هم قلة.. المهم نعود لموضوعنا اذ ان شيخ سليمان كان يعمل مزارعا لاحد اغنياء القرية الذي كان رجلا ظالما و الكل في تلك القرية كان يعمل له حسابا خوفا من جبروته و قساوة قلبه الذي لا تعرف الرحمة له طريقا .. يعمل شيخ سليمان معظم النهار بكل تفاني و اجتهاد حتي يحلل لقمته لا يشتكي لان الشكية لغير الله مذلة .. من هذا الجدول الي ذلك الترس الذي كاد ان ينكسر و هكذا حتي تتبلل ملابسه بالكامل و يعود بعد نهاية اليوم وهو منهك تماما و ينادي من خارج الحوش " يا فاطمي بنيتي ختي لي اللقمة و موية حارة في الحمام في شان انا بدور اقع من طولي " يأتيه صوت ابنته مفعما بالحيوية و النشاط و الامل القادم و تخالطه نبرات من الحزن و الاسي لما يعانيه والدهاا من الالام و الظلم .. وهي تقول " سمح يابا الاكل جاهز و الموية كمان جاهزة علا يابا اكان خليت الشغلانة مي احسن ليك من الراجل الفقر دا الما بجي من وراهو الا الهم و التعب .؟ و بعد دا كلو ما بديك القريشات الشوية دي في وكتا" لم تنتظر منه ردا لكلامها لانها تعلم موقفه من هذا الموضوع .. وضعت له ابنته الاكل امامه المكون من صحن عصيدة و ملاح ام رقيقة و قرون من الشطة الخضراء التي لا يأكل بدونها ابدا .. و بعد ان فرغ من الاكل حمد الله علي تلك النعمة و اتجه نحو الحمام لازالة عرق ذلك اليوم الصعب .. في تلك الاثناء سمعت صوتا ياتي من خارج الحوش يقول يابا انا جيت ,, فطومة انا جيت .. لم تصدق فاطمة ما تسمع لان ذلك الصوت يشبه صوت اخيها محمد المغترب بأحدي دول البترول و ما هي الا لحظات و تتحقق ظنونها فدخل محمد و يرتمي في حضن شقيقته التي لم يراها منذ زمن بعيد جدا وهو يقول "ماشاء الله كبرتي يا فطومة و بقيتي عروس علا ابوي وين .؟" ترد عليه " انت عاد ما طولت في الغربة شديد يا خوي و يابا كان ديما بالو مشغول عليك و طوالي يهاتي الله يجيب وليدي و يبرد حشاي و يريحني من الزراعة و من سيدا" بينما هي تتحدث خرج الوالد من الحمام مهرولا نحو ابنه مرتميا في حضنه يبكي تارة و يقبله في اخري وهو يقول بصوت مبحوح " الحمد لله الشفناك يا ولدي و بركة ربنا الجابك طيب " بعد ان انتهت لحظات السلام تلك ذهب محمد خارجا ينادي جيب الحاجات الفي الكارو دي جوة يا ولد وهي عبارة عن شنط كبيرة جدا و عددها ايضا كبير..

في صبيحة اليوم التالي و في اثناء ما كانوا يشربون شاي الصباح قال محمد لوالده " شوف يابا خلاص ايام الشقا انتهت من الليلة تاني مافي زراعة و انا جهزت ليك اجراءات الحج للسنة الفينا دي و انتي يا فاطنة من باكر ترجعي المدرسة تاني و امسك القروش دي يابا سوي ليك تجارة و اشغل بيها نفسك وكت مابي تقعد ساكت" و فتح الابن عيادة في قريته رغم انه قد عرض عليه العمل في المدينة براتب عالي جدا و لكنه رفض بقوة .. و واصلت فاطمة دراستها و هما في انتظار عودة الوالد من الحج..