منتدى قرية الدناقلة
DANAGLA CYBER COMMUNITY

جمهورية السودان
ولاية الجزيرة

مجتمع قرية الدناقلة الرقمي

أخي الزائر الكريم

اذا لم تكن مسجَّلا بعد في منتدى قرية الدناقلة, نرجو اكرامنا بالتسجيل و الانضمام الى أكبر تجمع رقمي لابناء قرية الدناقلة على الانترنت

اذا كنت مسجلا فعلا, ارجو الدخول و عدم حرماننا من رؤية اسمك على قائمة الأعضاء اذا واجهتك مشكلة ارسل رساله الى الهاتف 09117685213

ولك وافر الشكر و الامتنان

أسرة منتدى قرية الدناقلة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى قرية الدناقلة
DANAGLA CYBER COMMUNITY

جمهورية السودان
ولاية الجزيرة

مجتمع قرية الدناقلة الرقمي

أخي الزائر الكريم

اذا لم تكن مسجَّلا بعد في منتدى قرية الدناقلة, نرجو اكرامنا بالتسجيل و الانضمام الى أكبر تجمع رقمي لابناء قرية الدناقلة على الانترنت

اذا كنت مسجلا فعلا, ارجو الدخول و عدم حرماننا من رؤية اسمك على قائمة الأعضاء اذا واجهتك مشكلة ارسل رساله الى الهاتف 09117685213

ولك وافر الشكر و الامتنان

أسرة منتدى قرية الدناقلة
منتدى قرية الدناقلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كتاب الفوائد لابن القيم!!!

صفحة 3 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3

اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الجمعة مايو 14, 2010 8:29 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

اخوتي الكرام / اعضاء منتدى الدناقلة
اسعد الله اوقاتكم بكل خير
اقدم اليكم كتاب (الفوائد ) للامام الجليل شمس الدين ابي عبدالله محمد بن ابي بكر بن ايوب الزرعي الشهير بابن القيم الجوزيه رحمه الله ورضي عنه محي السنة قامع البدعة...
وان شاء الله سأقدمه لكم ضمن حلقات متسلسلة متمنياً من العلي القدير ان يوفق الجميع بالاطلاع عليه وجني النفع والفائدة من الدروس القيمة التي تحملها صفحات هذا الكتاب التحفة...
دمتم ولكم محبتي،،،
اخوكم
وجدي الطيب .. منتدى قرية الدناقلة
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:56 am

[99] خلق بدن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء
خلق بدن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء,
وقرن بينهما. فاذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه في الخدمة, وجدت روحه خفة وراحة, فتاقت
الى الموضع الذي خلقت منه, واشتاقت الى عالمها العلوي. واذا أشبعه ونعّمه ونومه
واشتغل بخدمته وراحته, أخلد البدن الى الموضع الذي خلق منه, فانجذبت الروح معه,
فصارت في السجن, فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفرقتها وانقطاعها عن
عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذّب.


وبالجملة, فكلما خف البدن لطفت الروح, وخفت وطلبت عالمها العلوي.

وكلما ثقل وأخلد الى الشهوات والراحة ثقلت
الروح وهبطت من عالمها وصارت أرضية سفليّة, فترى الرجل روحه في الرفيق الأعلى
وبدنه عندك, فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنهى تجولحول العرش, وآخر
واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات. فاذا فارقت الروح البدن,
التحقت برفيقها الأعلى أو الأدنى, فعند الرفيق الأعلى كل قرّة عين, وكل نعيم
وسرور, وبهجة ولذة, وحياة طيبة, وعند الرفيق الأسفل كل هم وغم, وضيق وحزن, وحياة
نكدة, ومعيشة ضنك, قال تعالى:{ ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا } طه 124.


فذكره كلامه الذي أنزله على رسوله, والأعراض
عنه ترك تدبره والعمل به. والمعيشة الضنك, فأكثر ما جاء في التفسير أنهاعذاب
القبر, قاله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن عباس. وفيه حديث مرفوع. (
ذكره ابن كثير في تفسيره عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل:{ فان له معيشة
ضنكا} قال:" ضمّة القبر له". تفسير ابن كثير 3\169.


وأصل الضنك في اللغة: الضيق والشدة, وكل ما ضاق
فهو ضنك, يقال: منزل ضنك وعيش ضنك, فهذه المعيشة الضنك, في مقابلة التوسيع على
النفس والبدن بالشهوات واللذات والراحة. فان النفس كلما وسعت عليها ضيّقت على
القلب حتى تعيش معيشة ضنكا, وكلما ضيّقت عليها وسعت على القلب حتى ينشرح وينفسح.
فضنك المعيشة في الدنيا بموجب التقوى سعتها في البرزخ والآخرة, وسعة المعيشة في
الدنيا بحكم الهوى ضنكها في البرزخ والآخرة, فآثر أحسن المعيشتين وأطيبهما وأدومها.


فأشق البدن بنعيم الروح ولا تشق الروح بنعيم
البدن, فان نعيم الروح وشقاءها أدوم وأعظم, ونعيم البدن وشقاءه أقصر وأهون, والله المستعان.


العارف لا يأمر الناس بترك الدنيا فانهم لا
يقدرون على تركها, ولكن يأمرهم بترك الذنوب مع اقامتهم على دنياهم, فترك الدنيا
فضيلة, وترك الذنوب فريضة. فكيف يؤمر بالفضيلة من لم يقم بالفريضة! فان صعب عليهم
ترك الذنوب, فاجتهد أن تحبب الله اليهم بذكر آلائه وانعامه واحسانه وصفات كماله
ونعوت جلاله, فان القلوب مفطورة على محبته. فاذا تعلقت بحبه هان عليك ترك الذنوب,
والاصرار عليها, والاستقلال منها, وقد قال يحي بن معاذ:" طلب العاقل لدنيا
خير من ترك الجاهل لها".


العارف يدعو الناس الى الله من دنياهم, فتسهل
عليهم الاجابة, والزاهد يدعوهم الى الله بترك الدنيا, فتشق عليهم الاجابة. فان
الفطام عن الثدي الذي ما عقل الانسان نفسه الا وهو يرتضع منه شديد, ولكن تخير من
المرضعات أزكاهن وأفضلهن, فان للبن تأثيرا في طبيعة المرتضع, ورضاع المرأة الحمقى
يعود بحمق الولد. وأنفع الرضاعة ما كان من المجاعة, فان قويت على مرارة الفطام
والا فارتضع بقدر, فان من البشم ما يقتل.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:59 am

[100] رعاية الحقوق مع الضر ورعايتها مع العافية
ان عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه:{
يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}
الأنفال45. ليس العجب من صحيح فارغ واقف مع الخدمة, انما العجب من ضعيف سقيم
تعتوره الأشغال, وتختلف عليه الأحوال, وقلبه في الخدمة, غير متخلف بما يقدر عليه.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:04 am

[101] معرفة الله تعالى نوعان
النوع الأول: معرفة واقرار, وهي التي اشترك فيها الناس, البر والفاجر, والمطيع والعاصي.

النوع الثاني: معرفة توجب الحياء منه, والمحبة له, وتعلق القلب به, والشوق الى لقائه,
وخشيته, والانابة اليه, والأنس به, والفرار من الخلق اليه. وهذه هي المعرفة الخاصة
الجارية على لسان القوم, وتفاوتهم فيما لا يحصيه الا الذي عرفهم بنفسه, وكشف
لقلوبهم من معرفته ما أخفاه عن سواهم, وكل أشار الى هذه المعرفة بحسب مقامه وما
كشف له منها. وقد قال أعرف الخلق به:" لا أحصي ثناء عليك, أنت كما أثنيت على
نفسك" مسلم في الصلاة 1\352 رقم222. وأخبر انه سبحانه يفتح عليه يوم القيامة
من محامده بما لا يحسنه الآن.


ولهذه المعرفة بابان واسعان: باب التفكّر
والتأمّل في آيات القرآن كلها, والفهم الخاص عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والباب الثاني: التفكّر في آياته المشهودة, وتأمل حكمته فيها, وقدرته ولطفه,
واحسانه وعدله, وقيامه بالقسط على خلقه. وجماع ذلك: الفقه في معاني أسمائه الحسنى,
وجلالها وكمالها, وتفرّده بذلك, وتعلّقها بالخلق والأمر, فيكون فقيها في أوامره
ونواهيه, فقيها في قضائه وقدره, فقيها في أسمائه وصفاته, فقيها في الحكم الديني
الشرعي والحكم الكوني القدري, و:{ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:07 am

[102] أنواع الكسب
الدراهم أربعة: درهم اكتسب بطاعة الله, وأخرج
في حق الله, فذاك خير الدراهم, ودرهم اكتسب بمعصية, وأخرج في معصية الله, فذاك شر
الدراهم, ودرهم اكتسب في أذى مسلم, وأخرج في أذى مسلم فهو كذلك, ودرهم اكتسب
بمباح, وأنفق في شهوة فذاك لا له ولا عليه.


هذه أصول الدراهم ويتفرّع عليها دراهم أخر:
منها درهم اكتسب بحق وأنفق في باطل, ودرهم اكتسب بباطل وأنفق في حق فانفاقه
كفّارته, ودرهم اكتسب من شبهة فكفّارته أن ينفق في طاعة الله.


وكما يتعلق الثواب والعقاب والمدح والذم باخراج
الدرهم فكذلك يتعلق باكتسابه. وكذلك يسأل عن مستخرجه ومصروفه من أين اكتسبه وفيما
أنفقه.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:09 am

[103] مواساة المؤمن وأنواعها
المواساة للمؤمنين أنواع: مواساة بالمال,
ومواساة بالجاه, ومواساة بالبدن والخدمة, ومواساة بالنصيحة والارشاد, ومواساة
بالدعاء والاستغفار لهم, ومواساة بالتوجع لهم. وعلى قدر الايمان تكون هذه
المواساة. فكلما ضعف الايمان ضعفت المواساة, وكلما قوى قويت, وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم أعظم مواساة لأصحابه بذلك كله, فلأتباعه من المواساة بحسب اتباعهم له.


ودخلوا على بشر الحافي في يوم شديد البرد وقد
تجرد وهو ينتفض, فقالوا: ما هذا يا أبا نصر؟ فقال: ذكرت الفقراء وبردهم وليس لي ما
أواسيهم, فأحببت أن أواسيهم في بردهم.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:11 am

[104] الجهل بالطريق يورث التعب
الجهل بالطريق وآفاتها والمقصود يوجب التعب
الكثير مع الفائدة القليلة, فان صاحبه اما أن يجتهد في نافلة مع اضاعة الفرض, أو
في عمل الجوارح لم يواطئه عمل القلب, أو عمل بالباطن والظاهر لم يتقيد بالاقتداء,
أو همة الى عمل لم ترق صاحبها الى ملاحظة المقصود, أو عمل لم يحترز من آفاته
المفسدة له حال العمل وبعده, أ, عمل غفل فيه عن مشاهدة المنّة, فلم يتجرّد عن
مشاركة النفس فيه, أو عمل لم يشهد تقصيره فيه, فيقوم بعده في مقام الاعتذارمنه, أو
عمل لم يوفّه حقه من النصح والاحسان, وهويظن أنّه وفّاه, فهذا كله مما ينقض الثمرة
مع كثرة التعب, والله الموفّق.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:13 am

[105] الرحلة الى الله تعالى وما يكتنفها من الخوادع والقواطع
اذا عزم العبد على السفر الى الله تعالى
وارادته, عرضت له الخوادع والقواطع, فيتخدع أولا بالشهوات والرئاسات, والملاذ والمناكح
والملابس, فان وقف معها انقطع, وان رفضها ولم يقف معها وصدق في طلبه ابتلي بوطء
عقبه(كثير الأتباع), وتقبيل يده, والتوسعة له في المجلس, والاشارة اليه بالدعاء,
ورجاء بركته, ونحو ذلك. فان وقف معه انقطع به عن الله وكان حظه منه, وان قطعه ولم
يقف معه ابتلي بالكرامات والكشوفات, فان وقف معها انقطع بها عن الله وكانت حظّه,
وان لم يقف معها ابتلي بالتجريد والتخلي ولذة الجمعية وعزة الةحدة والفراغ من
الدنيا. فان وقف مع ذلك انقطع به عن المقصود, وان لم يقف معه, وسار ناظرا الى مراد
الله منه, وما يحبه منه, بحيث يكون عبده الموقوف على محابه ومراضيه أين كانت وكيف
كانت, تعب بها أو استراح, تنعّم أو تألّم, أخرجته الى الناس أو عزلته عنهم, لا
يختار لنفسه غير ما يختاره له سيده ووليه, واقف مع أمره ينفذ بحسب الامكان, ونفسه
عنده أهون عليه أن يقدم راحتها ولذتها على مرضاة سيده وأمره. فهذا هو العبد الذي
قد وصل, ونفذ ولم يقطعه عن سيده شيء البتة, وبالله التوفيق.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:15 am

[106] نعم الله تعالى وأنواعها
النعم ثلاثة: نعمة حاصلة يعلم بها العبد, ونعمة
منتظرة يرجوها, ونعمة هو فيها لا يشعر بها, فاذا أراد الله اتمام نعمته على عبده
عرّفه نعمته الحاضرة وأعطاه من شكره قيدا يقيّدها به حتى لا تشرد, فانها تشرد
بالمعصية, وتقيّد بالشكر. ووفقه لعمل يستجلب النعمة المنتظرة, وبصّره بالطرق الي
تسدها وتقطع طريقها, ووفقه لاجتنابها. واذا بها قد وافت اليه على أتم الوجوه,
وعرّفه النعم التي هو فيها ولا يشعر بها.


ويحكى أن أعرابيا دخل على الرشيد, فقال يا أمير
المؤمنين ثبّت الله عليك النعم التي أنت فيها بادامة شكرها, وحقق لك النعم التي
ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته, وعرّفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها.
فأعجبه ذلك منه وقال: ما أحسن تقسيمه.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:18 am

(قاعدة جليلة) الخواطر والأفكار مبدأ كل علم نظري
مبدأ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار, فانها توجب التصورات, والتصورات
تدعو الى الارادات, والارادات تقتضي وقوع الفعل, وكثرة تكراره تعطي العادة. فصلاح
هذه المراتب بصلاح الخواطر والأفكار, وفسادها بفسادها. فصلاح الخواطر بأن تكون
مراقبة لوليها والهها صاعدة اليه, دائرة على مرضاته ومحابه, فانه سبحانه به كل
صلاح, ومن عنده كل هدى, ومن توفيقه كل رشد, ومن تولّيه واعراضه عنه كل ضلال وشقاء.
فيظفر العبد بكل خير وهدى ورشد, بقدر اثبات عين فكرته في آلائه ونعمه وتوحيده,
وطرق معرفته, وطرق عبوديته, وانزاله اياه حاضرا معه, مشاهدا له, ناظرا اليه, رقيبا
عليه, مطّلعا على خواطره وارادته وهمّه فحينئذ يستحيي منه, ويجله أن يطلعه منه على
عورة يكره أن يطلع عليها مخلوق مثله, أو يرى في نفسه خاطرا يمقته عليه.


فمتى أنزل ربه هذه المنزلة منه رفعه وقرّبه
منه, وأكرمه واجتباه ووالاه, وبقدر ذلك يبعد عنه الأوساخ والدناءات والخواطر
الرديئة والأفكار الدنيئة. كما أنه كلما بعد منه وأعرض عنه قرب من الأوساخ
والدناءات والأقذار, ويقطع عنه جميع الكمالات ويتصل بجميع النقائص.


فالانسان خير المخلوقات, اذا تقرّب من بارئه, والتزم أوامره ونواهيه,
وعمل بمرضاته, وآثره على هواه. وشرّ المخلوقات اذا تباعد عنه ولم يتحرك قلبه لقربه
وطاعته وابتغاء مرضاته. فمتى اختار التقرّب اليه, وآثره على نفسه وهواه, فقد حكّم
قلبه وعقله وايمانه على نفسه وشيطانه, وحكّم رشده على غيّه, وهداه على هواه. ومتى
اختار التباعد منه فقد حكم نفسه وهواه وشيطانه على عقله وقلبه ورشده.


واعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها الى
الفكر, فيأخذها الفكر فيؤديها الى التذكر. فيأخذها الذكر فيؤديها الى الارادة,
فتأخذها الارادة فتؤديها الى الجوارح والعمل, فتستحكم فتصير عادة, فرّدها من
مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها. فانها تهجم عليه هجوم النفس, الا ان قوة
الايمان والعقل تعينه على قبول أحسنها, ورضاه به, ومساكنته له, وعلى دفع أقبحها,
وكراهته له, ونفرته منه كما قال الصحابة رضوان الله عليهم: يا رسول الله, ان أحدنا
يجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة أحب اليه من أن يتكلم به, فقال:"أوقد
وجدتموه؟" قالوا: نعم, قال: "ذاك صريح الايمان" مسلم في الايمان
1\119 رقم209. وفي لفظ "الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة". أبو داود
في الأدب باب رد الوسوسة 4\329 330 رقم 5112.


وفيه قولان: أحدهما: أن رده وكراهته صريح
الايمان. والثاني: أن وجوده والقاء الشيطان له في النفس صريح الايمان, فانه انما
ألقاه في النفس طلبا لمعارضة الايمان وازالته به.


وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى
الدائرة التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه, فان وضع فيها حب طحنته, وان وضع
فيها تراب أو حصى طحنته. فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب
الذي يوضع في الرحى, ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط, بل لا بد من شيء يوضع فيها, فمن
الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره, وأكثرهم يطحن رملا وحصى
وتبنا ونحو ذلك, فاذا جاء وقت تاعجن والخبز تبيّن له حقيقة طحينه.


فاذا دفعت الخاطر الوارد عليك اندفع عنك ما
بعده, وان قبلته صار فكرا جوّالا, فاستخدم الارادة فتساعد هي والفكر على استخدام
الجوارح, قان تعذّر استخدامها رجعا الى القلب بالتمني والشهوة, وتوجههوالى جهة
المراد. ومن المعلوم أن اصلاح الخواطر أسهل من اصلاح الأفكار, واصلاح الأفكار أسهل
من اصلاح الارادات, واصلاح الارادات أسهل من تدارك فساد العمل, وتداركه أسهل من
قطع العوائد. فأنفع الدواء أن تشغل نفسك بالفكر فيما يعنيك دون ما لا يعنيك,
فالفكر في ما لا يعني باب كل شر, ومن فكّر فيما لا يعنيه, فاته ما يعنيه, واشتغل
عن أنفع الأشياء له بما ما لا منفعة له فيه, فالفكر والخواطر, والارادة والهمة أحق
شيء باصلاحه من نفسك, فان هذه خاصتك وحقيقتك التي تبتعد بها أو تقرب بها من الهك
ومعبودك الذي لا سعادة لك الا في قربه ورضاه عنك, وكل الشقاء في بعدك عنه وسخطه
عليك, ومن كان في خواطره ومجالات فكره دنيئا خسيسا لم يكن في سائر أمره الا كذلك.


وايّاك أ، تمكّن الشيطان من بيت أفكارك
واراداتك, فانه يفسدها عليك فسدا يصعب تداركه, ويلقي اليك أنواع الوساوس والأفكار
المضرّة, ويحول بينك وبين الفكر فيما ينفعك, وأنت الذي أعنته على نفسك, بتمكينه من
قلبك وخوطرك فملكها عليك. فمثلك معه مثال صاحب رحى يطحن فيها جيّد الحبوب, فأتاه
شخص معه حمل تراب وبعر فحم وغثاء ليطحنه في طاحونه, فان طرده ولم يمكنه من القاء
ما معه في الطاحون استمر على طحن ما ينفعه, وان مكّنه من القاء ذلك في الطاحون
أفسد ما فيها من الحب وخرج الطحين كله فاسدا. والذي يلقيه الشيطان في النفس لا
يخرج عن الفكر فيما كان ودخل في الوجود لو كان على خلاف ذلك, وفيما لم يكن لو كان
كيف كان يكون. أ, فيما يملك الفكر فيه من أنواع الفواحش والحرام, أو في خيالات
وهمية لا حقيقة لها أو في باطل, أو فيما لا سبيل الى ادراكه من أنواع ما طوى عنه
علمه, فيلقيه في تلك الخواطر التي لا يبلغ منها غاية, ولا يقف منها على نهاية,
فيجعل ذلك مجال فكره ومسرح همّه.


وجماع اصلاح ذلك: أن تشغل فكرك في باب العلوم
والتصورات بمعرفة ما يلزمك من التوحيد وحقوقه, وفي الموت وما بعده الى دخول الجنة
والنار. وفي آفات الأعمال وطرق التحرز منها. وفي باب الارادات والعزوم أن تشغل
نفسك بارادة ما ينفعك ارادته, وطرح ارادة ما يضرك ارادته. وعند العارفين أن تمنّى
الخيانة واشغال الفكر والقلب بها أضر على
القلب من نفس الخيانة, ولا سيما اذا فرغ قلبه منها بعد مباشرتها, فان تمنيها يشغل
القلب بها ويملؤه منها ويجعلها همه ومراده.


وأنت تجد في الشاهد أن الملك في البشر اذا كان
في بعض حاشيته وخدمه من هو متمن لخيانته مشغول القلب والفكر بها ممتلىء منها, وهو
مع ذلك في خدمته وقضاء أشغاله, فاذا اطّلع على سره وقصده, مقته غاية المقت,
وأبغضه, وقابله بما يستحقّه, وكان أبغض اليه من رجل بعيد عنه جنى بعض الجنايات
وقلبه وسره مع الملك غير منطو على تمنّي الخيانة ومحبتها والحرص عليها, فالأوّل
يتركها عجزا واشتغالا بما هو فيه وقلبه ممنلىء بها, والثاني يفعلها وقلبه كاره لها
ليس فيه اضمار الخيانة ولا الاصرار عليها, فهذا أحسن حالا وأسلم علقبة من الأول.


وبالجملة, فالقلب لا يخلو قط من الفكر اما في
واجب آخرته ومصالحها, واما في مصالح دنياه ومعاشه, واما في الوساوس والأماني
الباطلة والمقدرات المفروضة. وقد تقدم أن النفس مثلها كمثل رحى تدور بما يلقى
فيها, فان ألقيت فيها حبا دارت به, وان ألقيت فيها حصى وزجاجا وبعرا دارت به,
والله سبحانه هو قيّم تلك الرحى ومالكها ومصرّفها وقد أقام لها ملكا يلقي فيها ما
ينفعها فتدور به, وشيطانا يلقي فيها ما يضر فتدور به, فالملك يلم مرة والشيطان يلم
بها مرة, فالحب الذي يلقيه الملك ايعاد بالخير وتصديق بالوعد, والحب الذي يلقيه
الشيطان ايعاد بالشر وتكذيب بالوعد. والطحين على قدر الحب, وصاحب الحب المضر لا
يتمكن من القائه الا اذا وجد الرحى فارغة من الحب وقيّمها قد أهملها وأعرض عنها,
فحينئذ يبادر الى القاء ما معه فيها.


وبالجملة, فقيّم الرحى اذا تخلى عنها وعن
اصلاحها وعن القاء الحب النافع فيها وجد العدو السبيل الى افسادها وادارتها بما
معه. وأصل صلاح هذه الرحى بالاشتغال بما يعنيك, وفاسدها كله الاشتغال بما لا
يعنيك, وما أحسن ما قال بعض العقلاء: لما وجدت أنواع الذخائر منصوبة غرضا للمتالف,
ورأيت الزوال حاكما عليها مدركا لها, انصرفت عن جميعها الى ما لا ينازع فيه ذو
الحجا أنه أنفع الذخائر وأفضل المكاسب وأربح المتاجر, والله المستعان.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:21 am

[108] من أقوال شفيق البلخي
قال شفيق بن ابرهيم: أغلق باب التوفيق عن الخلق
من ستة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها. ورغبتهم في العلم, وتركهم العمل.
والمسارعة الى الذنب وتأخير التوبة. والاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء
بفعالهم. وادبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها. واقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها.


قلت: وأصل ذلك عدم الرغبة والرهبة, وأصله ضعف
اليقين, وأصله ضعف البصيرة, وأصله مهانة النفس ودناءتها واستبدالها بالذي هو خير.
والا فلو مانت النفس شريفة كبيرة لم ترض بالدون. فأصل الخير كله- بتوفيق الله
ومشيئته- وشرف النفس وكبرها ونبلها. وأصل الشر خستها ودناءتها وصغرها, قال تعال:{
قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها} الشمس 9 10 , أي أفلح من كبّرها وكثّرها
ونمّاها بطاعة الله, وخاب من صغّرها وحقّرها بمعاصي الله.


فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء الا
بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة, والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وتقع عليها كما
يقع الذباب على الأقذار. فالنفس الشريفة العليّة لا ترضى بالظلم ولا بالفواحش ولا
بالسرقة والخيانة, لأنها أكبر من ذلك وأجل. والنفس المهينة الحقيرة الخسيسة بالضد
من ذلك. فكل نفس تميل الى ما يناسبها ويشاكلها, وهذا معنى قوله تعالى:{ قل كل يعمل
على شاكلته} الاسراء 84, أي على ما يشاكله ويناسبه, فهو يعمل على طريقته التي
تناسب أخلاقه وطبيعته, وكل انسان يجري على طريقته ومذهبه وعاداته الي ألفها وجبل
عليها. فالفاجر يعمل بما يشبه طريقته من مقابلة النعم بالمعاصي, والاعراض عن المنعم,
والمؤمن يعمل بما يشاكله من شكر النعم, ومحبته والثناء عليه, والتودد اليه والحياء
منه, والمراقبة له, وتعظيمه واجلاله.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:24 am

[109] اعرف نفسك تعرف ربك
من لم يعرف نفسه, كيف يعرف خالقه؟ فاعلم أن
اللع تعالى قد خلق في صدرك بيتا وهو القلب, ووضع في صدره عرشا لمعرفته, يستوي عليه
المثل الأعلى, فهو مستو على عرشه بذاته بائن من خلقه, والمثل الأعلى من معرفته
ومحبته وتوحيده مستو على سرير القلب, وعلى السرير بساط من الرضا. ووضع عن يمينه
وعن شماله مرافق شرائعه وأوامره, وفتح اليه بابا من جنة رحمته, والأنس به, والشوق
الى لقائه, وأمطره من وابل كلامه. ما أنبت فيه أصناف الرياحين, والأشجار المثمرة
من أنواع الطاعات, والتهليل والتسبيح والتحميد والتقديس وجعل في وسط البستان شجرة
معرفة, فهي:{ تؤتي أكلها كل حين باذن ربها} ابراهيم 25, من المحبة والانابة
والخشية والفرح به والابتهاج بقربه. وأجرى الى تلك الشجرة ما يسقيها من تدبّر
كلامه وفهمه والعمل بوصاياه. وعلّق في ذلك البيت قنديلا, أسرجه بضياء معرفته,
والايمان به وتوحيده. فهو يستمد من: {شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد
زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} النور 35. ثم أحاط عليه حائطا يمنعه من دخول الآفات
والمفسدين ومن يؤذي البستان, فلا يلحقه أذاهم, وأقام عليه حرسا من الملائكة
يحفظونه في يقظته ومنامه, ثم أ‘لم صاحب البيت والبستان بالساكن فيه فهو دائما همه
اصلاح السكن ولم شعثه, ليرضاه السكن منزلا. واذا أحس بأدنى شعث في السكن, بادر الى
اصلاحه, ولمّه خشية انتقال السكن منه, فنعم السكن ونعم المسكن.


فسبحان الله رب العالمين, كم بين هذا البيت
وبيت قد استولى عليه الخراب, وصار مأوى للحشرات والهوام, ومحلا لالقاء الأنتان
والقاذورات فيه. فمن أراد التخلي وقضاء الحاجة وجد خربة لا ساكن فيها, ولا حافظ لها,
وهي معدة لقضاء الحاجة, مظلمة الأرجاء, منتنة الرائحة, قد عمّها الخراب, وملأتها
القاذورات, فلا يأنس بها, ولا ينزل فيها الا من يناسبه سكنها من الحشرات, والديدان
والهوام. الشيطان جالس على سريرها, وعلى السرير بساط من الجهل, وتخفق فيه الأهواء,
وعن يمينه وشماله مرافق الشهوات, وقد فتح اليه باب من حقل الخذلان والوحشة,
والركون الى الدنيا, والطمأنينة بها, والزهد في الآخرة, وأمطر من وابل الجهل
والهوى والشرك والبدع ما أنبت فيه أصناف الشوك والحنظل, والأشجار المثمرة بأنواع
المعاصي والمخالفات, من الزوائد والتنديبات , والنوادر والهزليات والمضحكات,
والأشعار الغزليات, والخمريات التي تهيج على ارتكاب المحرمات, وتزهد في الطاعات.
وجعل في وسط الحقل شجرة الجهل به والاعراض عنه, فهي تؤتي أكلها كل حين من الفسوق
والمعاصي, واللهو واللعب, والمجون والذهاب مع كل ريح, واتباع كل شهوة. ومن ثمرها
الهموم والغموم والأحزان والآلام. ولكنها متوارية باشتغال النفس بلهوها ولعبها,
فاذا أفاقت من سكرها أحضرت كل هم وغم, وحزن وقلق, ومعيشة ضنك, وأجرى الى تلك
الشجرة ما يسقيها من اتباع الهوى وطول الأمل والغرور.


ثم ترك ذلك البيت وظلماته, وخراب حيطانه, بحيث
لا يمنع منه مفسدة, ولا حيوان ولا مؤذ ولا قذر, فسبحان خالق هذا البيتوذاك البيت,
فمن عرف بيته وقدّر ما فيه من الكنوز والذخائر والآلات انتفع بحياته ونفسه, ومن
جهل ذلك جهل نفسه وأضاع سعادته, وبالله التوفيق.


سئل سهل التستري: الرجل يأكل في اليوم أكلة؟
قال: أكل الصديقين, قيل له: فأكلتين؟ قال: أكل المؤمنين, قيل له ثلاث أكلات؟ فقال:
قل لأهله يبنوا له معلفا.


قال الأسود بن سالم: ركعتين اصليه لله أحب الي
من الجنة بما فيها. فقيل له: هذا خطأ, فقال: دعونا من كلامكم, الجنة رضى نفسي,
والركعتان رضى ربي, ورضى ربي أحب الي من رضى نفسي.


العارف في الأرض ريحانة من رياحين الجنة, اذا
شمها المريد اشتاقت نفسه الى الجنة.


قلب المحب موضوع بين جلال محبوبه وجماله, فاذا
لاحظ جلاله هابه وعظّمه, واذ لاحظ جماله أحبه واشتاق اليه.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:27 am

[110] من أنواع معرفة الله تعالى
من الناس من يعرف الله بالجود والافضال
والاحسان, ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز, ومنهم من يعرفه بالبطش
والانتقام, ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة, ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء,
ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف, ومنهم من يعرفه بالقهر والملك, ومنهم من
يعرفه باجابة دعوته واغاثة لهفته وقضاء حاجته.


واعلم هؤلاء معرفة من عرف من كلامه, فانه يعرف
ربا قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال, منزّه عن المثال, بريء من النقائص
والعيوب, له كل اسم حسن وكل وصف كمال, فعّال لما يريد, فوق كل شيء ومع كل شيء,
وقادر على كل شيء, ومقيم لكل شيء, آمر ناه متكلم بكلماته الدينية والكونية, أكبر
من كل شيء, وأجمل من كل شيء, أرحم الراحمين, وأقدر القادرين, وأحكم الحاكمين.
فالقرآن أنزل لتعريف عباده به, وبصراطه الموصل اليه, وبحال السالكين بعد الوصول اليه
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:31 am

[111] حول قوله تعالى: {ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}
من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة
أنعم الله بها عليه واختارها له, فيملها العبد ويطلب الانتقال منها الى ما يزعم
لجهله أنه خير له منها, وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة, ويعذره بجهله وسوء
اختياره لنفسه, حتى اذا ضاق ذرعا بتلك النعمة وسخطها وتبرّم بها واستحكم ملله لها
سلبه الله ايّاها. فاذا انتقل الى ما طلبه ورأى التفاوت بين ما كان فيه وصار اليه,
اشتد قلقه وندمه وطلب العودة الى ما كان فيه, فاذا أراد الله بعبده خيرا ورشدا
أشهده أن ما هو فيه نعمة من نعمه عليه ورضاه به, وأوزعه شكره عليه, فاذا حدثته
نفسه بالانتقال عنه, استخار ربه استخارة جاهل بمصلحته عاجز عنها, مفوض الى الله
طالب منه حسن اختياره له.


وليس على العبد أضر من ملله لنعم الله, فانه لا
يراها نعمة, ولا يشكره عليها, ولا يفرح بها, بل يسخطها, ويشكو ويعدّها مصيبة. هذا
وهي من أعظم نعم الله عليه, فأكثر الناس أعداء نعم الله عليهم, ولا يشعرون بفتح
الله عليهم نعمه, وهم مجتهدون في دفعها وردها جهلا وظلما. فكم سعت الى أحدهم من
نعمة, وهو ساع في ردها بجهده, وكم وصلت اليه وهو ساع في دفعها وزوالها بظلمه
وجهله, قال تعالى:{ ذلك بأن الله لم يك مغيّرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما
بأنفسهم}الأنفال 53, وقال تعالى:{ ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما
بأنفسهم} الرعد11.


فليس للنعم أعدى من نفس العبد, فهو مع عدوه
ظهير على نفسه, فعدوه يطرح النار في نعمه وهو ينفخ فيها, فهو الذي مكّنه من طرح
النار ثم أعانه بالنفخ, فاذا اشتدّ ضرامها استغاث من الحريق وكان غايته معاتبة الأقدار:


وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى اذا فات أمر عاتب القدرا
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:11 am

[112] معرفة الله سبحانه وتعالى بالجمال
من أعز أنواع المعرفة معرفة الرب سبحانه وتعالى
بالجمال, وهي معرفة خواص الخلق, وكلهم عرفه بصفة من صفاته, وأتمهم معرفة من عرفه
بكماله وجلاله, وجماله سبحانه ليس كمثله شيء في سائر صفاته, لو فرضت الخلق كلهم
على أجملهم صورة وكلهم على تلك الصورة, ونسبت جمالهم الظاهر والباطن الى جمال الرب
سبحانه لكان أقل من نسبة سراج ضعيف الى قرص الشمس.


ويكفي في جماله "أنه لو كشف الحجاب عن
وجهه لأحرقت سبحاته ما انتهى اليه بصره من خلقه" أخرجه مسلم في كتاب الايمان
1\161. ويكفي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة فمن آُثار صنعته,
فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال.


ويكفي في جماله أن له العزة جميعا, والقوة
جميعا, والجود كله, والاحسان كله, والعالم كله, والفضل كله, ولنور وجهه أشرقت
الظلمات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له
الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة". الهيثمي في مجمع الزوائد 6\35.


وقال عبد الله بن مسعود: ليس عند ربكم ليل ولا
نهار, نور السموات والأ{ض من نور وجهه, فهو سبحانه نور السموات والأرض, ويوم
القيامة اذا جاء لفصل القضاء تشرق الأرض بنوره. ومن أسمائه الحسنى
"الجميل". وفي الصحيحعنه صلى الله عليه وسلم:" ان الله جميل يحب
الجمال". أبو داود كتاب اللباس باب ما جاء في الكبر 4\59 رقم 4091.


وجماله سبحانه على أربعة مراتب: جمال الذات,
وجمال الصفات, وجمال الأفعال, وجمال الأسماء. فأسماؤه كلها حسنى, وصفاته كلها صفات
كمال, وأفعاله كلها حكمة ومصلحة وعدل ورحمة. وأما جمال الذات وما هو عليه, فأمر لا
يدركه سواه, ولا يعلمه غيره, وليس عند المخلوقين منه الا تعريفات تعرّف بها الى من
أكرمه من عباده, فان ذلك الجمال مصون عن الأغيار, محجوب بستر الرداء والازار, كما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الكبرياء ردائي والعظمة ازاري" أبو
داود كتاب اللباس بال ما جاء في الكبر 4\59 رقم 409. ولما كانت الكبرياء أعظم
وأوسع كانت أحق باسم الرداء, فانه سبحانه الكبير المتعال فهو سبحانه العلي العظيم.


قال ابن عباس: حجب الذات بالصفات, وحجب الصفات
بالأفعال, فما ظنك بجمال حجب بأوصاف الكمال, وستر بنعوت العظمة والجلال.


ومن هذا المعنى يفهم البعض معاني جال ذاته,
فانه العبد يترقّى من معرفة الأفعال الى معرفة الصفات, ومن معرفة الصفات الى معرفة
الذات فاذا شاهد شيئا من جمال الأفعال استدل به على جمال الصفات ثم استدل بجمال
الصفات على جمال الذات. ومن هاهنا يتبين أنه سبحانه له الحمد كله, وأن أحدا من
خلقه لا يحصي ثناء عليه, بل هو كما أثنى على نفسه, وأنه يستحق أن يعبد لذاته,
ويشكر لذاته, وأنه سبحانه يحب نفسه, ويثني على نفسه, ويحمد نفسه, وأن محبته لنفسه,
وحمده لنفسه, وثناءه على نفسه, وتوحيده لنفسه, هو في الحقيقة الحمد والثناء والحب
والتوحيد, فهو سبحانه كما أثنى على نفسه, وفوق كا يثني به عليه خلقه, وهو سبحانه
كما يحب ذاته يحب صفاته وأفعاله, فكل أفعاله حسن محبوب وان كان في مفعولاته ما
يبغضه ويكرهه, فليس في أفعاله ما هو مكروه مسخوط, وليس في الوجود ما يحب لذاته,
ويحمد لذاته الا هو سبحانه وتعالى, وكل ما يحب سواه فان كانت محبته تابعة لمحبته
سبحانه بحيث يحب لأجله, فمحبته صحيحة, والا فهي محبة باطلة, وهذا هو حقيقة
الالهية, فان الله الحق هو الذي يحب لذاته ويحمد لذاته. فكيف اذا انضاف الى ذلك
احسانه وانعامه, وحلمه وتجاوزه وعفوه وبرّه ورحمته؟


فعلى العبد أن يعلم أنه لا اله الا الله فيحبه
ويحمده لذاته وكماله, وأن يعلم أنه لا محسن على الحقيقة بأصناف النعم الظاهرة
والباطنة الا هو, فيحبه لاحسانه وانعامه, ويحمده على ذلك, فيحبه من الوجهين جميعا.
وكما أمه ليس كمثله شيء فليس كمحبته محبة. والمحبة مع الخضوع هي العبودية التي خلق
الخلق لأجلها, فانها غاية الحب بغاية الذل, ولا يصلح ذلك الا له سبحانه. والاشراك
به في هذا هو الشرك الذي لا يغفره الله ولا يقبل لصاحبه عملا.


وحمده يتضمن أصلين: الاخبار بمحامده وصفات
كماله, والمحبة له عليها, فمن أخبر بمحاسن غيره من غير محبة له لم يكن حامدا. ومن
أحبّه من غير اخبار بمحاسنه لم يكن حامدا حتى يجمع الأمرين, وهو سبحانه يحمد نفسه
بما يجريه على ألسنة الحامدين له من ملائكته وأنبائه ورسله وعباده المؤمنين, فهو
الحامد لنفسه بهذا وهذا, فان حمدهم له بمشيئته واذنه وتكوينه, فانه هو الذي جعل الحامد
حامدا والمسلم مسلما والمصلي مصليا والتائب تائبا, فمنه ابتدأت النعم واليه
انتهت, فابتدأت بحمده وانتهت الى حمده,
وهو الذي ألأهم عبده التوبة وفرح بها أعظم فرح, وهي من فضله وجوده. وهو سبحانه غني
عن كل ما سواه بكل وجه, وما سواه فقير اليه بكل وجه, والعبد مفتقر اليه لذاته في
الأسباب والغايات, فان ما لا يكون به لا يكون, وما لا يكون له لا ينفع.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:17 am

[113] ان الله جميل يحب الجمال
وقوله في الحديث "ان الله جميل يحب
الجمال" الترمذي باب ما جاء في النظافة, يتناول جمال الثياب المسؤول عنه في
نفس الحديث. ويدخل فيه بطريق العموم الجمال من كل شيء كما في الحديث الآخر:" ان الله نظيف يحب النظافة"
5\111رقم2799.


وفي الصحيح:" ان الله طيب لا يقبل الا طيبا"مسلم كتاب الزكاة 2\703 رقم65.

وفي السنن:" ان الله يحب أ، يرى أثر نعمته
على عبده" الترمذي في الأدب 5\123 رقم 2819.


وفيها عن أبي الأحوص الجشمي, قال:" رآني
النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أطمار, فقال:" هل لك من مال؟" قلت نعم,
قال: من أي مال؟ قلت: من كل مل أتى الله من الابل والشاء, قال:" فلتر نعمته
وكرامته عليك".أبوداود في اللباس 4\51 رقم 4063.


فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده, فانه
من الجمال الذي يحبه, وذلك من شكره على نعمه, وهو جمال باطن فيحب أن يرى على عبده
الجمال الظاهر بالنعمة والجمال الباطن بالشكر عليها. ولمحبته سبحانه للجمال أنزل
على عباده لباسا وزينة تجمّل ظواهرهم, وتقوى تجمّل بواطنهم فقال:{ يا بني آدم قد أنزلنا
عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}الأعراف 26, وقال في أهل
الجنة:{ ولقّاهم نضرة وسرورا. وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا}الانسان 11-12, فجمّل
وجوههم بالنضرة, وبواطنهم بالسرور, وأبدانهم بالحرير.


وهو سبحانه كما يحب الجمال في الأقوال والأفعال
واللباس والهيئة, يبغض القبيح من الأقوال والأفعال والثياب والهيئة, فيبغض القبيح
وأهله ويحب الجمال وأهله. ولكن ضل في هذا الموضوع فريقان: فريق قالوا كل ما خلقه
جميل, فهو يحب كل ما خلقه, ونحن نحب جميع ما خلقه فلا نبغض منه شيئا, قالوا: ومن
رأى الكائنات منه رآها كلها جميلة. وأنشد منشدهم:


واذا رأيت الكائنات بعينهم فجميع ما يحوي الوجود مليح

واحتجوا بقول الله تعال:{ الذي أحسن كل شيء
خلقه} السجدة7, وقوله:{ صنع الله الذي أتقن كل شيء} النمل 88, وقوله:{ ما ترى في
خلق الرحمن من تفاوت} الملك3, والعارف عندهم هو الذي يصرح باطلاق الجمال, ولا يرى في الوجود قبيحا.


وهؤلاء قد عدمت الغيرة لله في قلوبهم, والبغض
في الله, والمعاداة فيه, وانكار المنكر, والجهاد في سبيله, واقامة حدوده! ويرى
جمال الصور من الذكور والاناث من الجمال الذي يحبه الله, فيتعبدون بفسقهم, وربما
غلا بعضهم حتى يزعم أن معبوده يظهر في تلك الصورة ويحل فيها. وان كان اتحاديا (
ومعناه من يقول أن الخالق هو عين المخلوق) قال: هي مظهر من مظاهر الحق, ويسميها
المظاهر الجمالية.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:21 am

[114] نظرات في الجمال
وقابلهم الفريق الثاني فقالوا: قد ذم الله
سبحانه وتعالى جمال الصور, وتمام القامة والخلقة, فقال عن المنافقين:{ واذا رأيتهم
تعجبك أجسامهم} المنافقون4, وقال: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن أحسن أثاثا
ورءيا}مريم74, أي أموالا ومناظر. قال الحسن: هو الصور تفسير ابن كثير 3\134. وفي
صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم :" ان الله لا ينظر الى صوركم
وأموالكم وانما ينظر الى قلوبكم وأعمالكم" كتاب البر والصلة 4\1986. قالوا:
ومعلوم أنه لم ينف نظر الادراك, وانما نفى نظر المحبة قالوا: وقد حرّم علينا لباس
الحرير والذهب وآنية الذهب والفضة, وذلك من أعظم جمال الدنيا, وقال: [ولا تمدّن
عينيك الى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه} طه 131, وفي
الحديث "البذاذة من الايمان" النهاية في غريب الحديث 1\110. وقد ذم الله المسرفين. والسرف كما يكون
في الطعام والشراب يكون في اللباس.


وفصل النزاع أن يال: الجمال في الصورة واللباس
والهيئة ثلاثة أنواع: منه ما يحمد, ومنه ما يذم, ومنه ما لا يتعلق به مدح ولا ذم.
فالمحمود منه ما كان لله, وأعان على طاعة الله, وتنفيذ أوامره, والاستجابة له, كما
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجمّل للوفود. وهو نظير آلة الحرب للقتال ولباس
الحرير في الحرب والخيلاء فيه. فان ذلك محمود اذا تضمّن اعلاء كلمة الله, ونصر
دينه, وغيظ عدوّه. والمذموم منه ما كان للدنيا والرئاسة والفخر والخيلاء والتوسل
الى الشهوات, وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه. فان كثيرا من النفوس ليس لها
همّة في سوى ذلك. وأما ما لا يحمد ولا يذم فهو ما خلا عن هذين القصدين, وتجرّد عن
الوصفين.


والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين
عظيمين: فأوله معرفة, وآخره سلوك. فيعرف الله سبحانه بالجمال الذي لا يماثله فيه
شسء, ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق. فيحب من عبده أن يحمل
لسانه بالصدق, وقلبه بالاخلاص والمحبة والانابة والتوكل, وجوارحه بالطاعة, وبدنه
باظهار نعمه عليه في لباسه, وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور
المكروهة والختان وتقليم الأظافر, فيعرفه بصفات الجمال الذي هو وصفه, ويعبده
بالجمال الذي هو شرعه ودينه, فجمع الحديث قاعدتين: المعرفة والسلوك.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:24 am

[115] صدق العبد مع ربه
ليس للعبد شيء أنفع من صدقه ربه في جميع أموره
مع صدق العزيمة, فيصدقه في عزمه وفي فعله, قال تعالى:{ فاذا عزم الأمر فلو صدقوا
الله لكان خير لهم} محمد 21, فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعل, فصدق العزيمة جمعها
وجزمها وعدم التردد فيها بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوّم. فاذا صدقت
عزيمته بقي عليه صدق الفعل, وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه, وأن لا يتخلّف عنه
بشيء من ظاهره وباطنه, فعزيمة القصد تمنعه من ضعف الارادة والهمّة, وصدق الفعل
يمنعه من الكسل والفتور. ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع
لغيره. وهذا الصدق معنى يلتئم من صحّة الاخلاص وصدق التوكّل, فأصدق الناس من صحّ
اخلاصه وتوكّله.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:26 am

[116] في القدر
رب ذو ارادة أمر عبدا ذا ارادة, فان وفّقه
وأراد من نفسه أن يعينه ويلهمه فعل ما أمر به. وان خذله وخلاه وارادته ونفسه, وهو
من هذه الحيثية لا يختار الا ما تهواه نفسه وطبعه, فهو من حيث هو انسان لا يريد
الا ذلك. ولذلك ذمّه الله في كتابه من هذه الحيثية ولم يمدحه الا بأمر زائد على
تلك الحيثية, وهو كونه مسلما ومؤمنا وصابرا ومحسنا وشكورا وتقيا وبرا, ونحو ذلك.
وهذا أمر زائد على مجرّد كونه انسانا وارادته صالحة, ولكن لا يكفي مجرّد صلاحيتها
ان لم تؤيد بقدر زائد على ذلك وهو النوفيق, كما أنه لا يكفي في الرؤية مجرّد
صلاحية العين للادراك ان لم يحصل سبب آخر من النور المنفصل عنها.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:28 am

[117] أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم لتفسك وقلبك خال من تعظّم الله تعالى
من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير
لك من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره, فانك توقّر المخلوق وتجلّه أن يراك
في حال لا توقّر الله أن يراك عليها, قال تعالى:{ مالكم لا ترجون لله وقارا}نوح13,
أي لا تعاملونه معاملة من توقّرونه, والتوقير: العظمة. ومنه قوله تعالى:{
وتوقّروه} الفتح من الآية9, قال الحسن: ما لكم لا تعرفون الله حقا ولا تشكرونه؟
وقال مجاهد: لا تبالون فظمة ربكم. وقال ابن زيد: لا ترون لله طاعة. وقال ابن عباس:
لا تعرفون حق عظمته. الجامع لأحكام القرآن 18\196.


وهذه الأقوال ترجع الى معنى واحد, وهو أنهم لو
عظّموا الله وعرفوا حق عظمته وحّدوه وأطاعوه وشكروه, فطاعته سبحانه, واجتناب
معاصيه, والحياء منه, بحسب وقاره في القلب. ولهذا قال بعض السلف: ليعظم وقار الله
في قلب أحدكم أ، يذكره حين يستحي من ذكره, فيقرن اسمه به كما تقول: قبّح الله
الكلب والخنزير والنتن ونحوذلك, فهذا من وقار الله.


ومن وقاره أن لا تعدل به شيئا من خلقه, لا في
اللفظ, بحيث تقول: والله وحياتك, مالي الا الله وأنت, وما شاء الله وشئت, ولا في
الحب والتعظيم والاجلال, ولا في الطاعة, فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع
الله, بل أعظم, كما عليه أكثر الظامة والفجرة, ولا في الخوف والرجاء. ويجعله أهون
الناظرين اليه, ولا يستهين بحقه ويقول: هو مبني على المسامحة, ولا يجعله على
الفضلة, ويقدّم حق المخلوق عليه, ولا يكون الله ورسوله في حد وناحية, والناس في
ناحية وحد, ويكون في الحد والشق الذي فيه الناس دون الحد والشق الذي فيه الله
ورسوله, ولا يعطي المخلوق في مخاطبته قلبه ولبه ويعطي الله في خدمته بدنه ولسانه
دون قلبه وروحه, ولا يجعل مراد نفسه مقدما على مراد ربه.


فهذا كله من عدم وقار الله في القلب, ومن كان
كذلك فان الله لا يلقي في قلوب الناس وقارا ولا هيبة, بل يسقط وقاره وهيبته من
قلوبهم, وان وقّروه مخافة شرّه فذاك وقار بغض لا وقار حب وتعظيم, ومن وقار الله أن
يستحي من اطلاعه على سره وضميره فيرى فيه ما يكره. ومن وقاره أن يستحي منه في
الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس.


والمقصود أن من لا يوقّر الله وكلامه, وما آتاه
من العلم والحكمة كيف يطلب من الناس توقيره.


القرآن وتاعلم وكلام الرسول صلى الله عليه وسلّم صلات من الحق, وتنبيهات
وروادع وزواجر واردة اليك, والشيب رادع وموقظ قائم بك, فلا ما ورد اليك وعظك! ولا
ما قام بك نصحك! ومع هذا تطلب التوقير والتعظيم من غيرك! فأنت مصاب لم تؤثّر فيه
مصيبته وعظا وانزجارا, وهو يطلب من غيره أ، يتّعظ وينزجر بالنظر الى مصابه. فالضرب
لم يؤثر فيه جزرا, وهو يريد الانزجار ممن نظر الى ضربه.


من سمع بالمثلات والعقوبات والآيات في حق غيره
ليس كمن رآها عيانا في غيره, فكيف بمن وجدها في نفسه؟:{ سنريهم آياتنا في الآفاق
وفي أنفسهم} فصلت 53, فآياته في الآفاق مسموعة معلومة, وآياته في النفس مشهودة
مرئيّة, فعياذا بالله من الخذلان. قال تعالى:{ ان الذين حقّت عليهم كلمت ربك لا
يؤمنون . ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأيم} يونس 96,97, وقال:{ ولو أنّنا
أنزلنا اليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا
الا أن يشاء الله} الأنعام 111.


والعاقل المؤيد بالتوفيق يعتبر بدون هذا, ويتمم
نقائص خلقته بفضائل أخلاقه وأعماله, فكلما امتحى من جثمانه أثر, زاد ايمانه أثر,
وكلما نقص من قوى بدنه, زاد في قوة ايمانه ويقينه ورغبته في الله والدار الآخرة,
وان لم يكن هكذا فالموت خير له؛ لأنه لا يقف به على حد معين من الألم والفساد,
بخلاف العيوب والنقائص مع طول العمر, فانها زيادة في ألمه وهمّه وغمّه وحسرته,
وانما حسن طول العمر ونفع ليحصل التذكّر والاستدراك واغتنام الغرض والتوبة النصوح
كما قال تعالى:{ أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر} فاطر 37, فمن لم يورثه
التعمير وطول البقاء اصلاح معائبه, وتدارك فارطه, واغتنام بقيّة أنفاسه, فيعمل على
حياة قلبه, وحصول النعيم المقيم, والا فلا خير له في حياته.


فان العبد على جناح سفر اما الى الجنة واما الى
النار. فاذا طال عمره, وحسن عمله, كان طول سفره زيادة له في حصول النعيم واللذة,
فانه كلما طال السفر اليها كانت الصبابة أجلّ وأفضل, واذا طال عمره, وساء عمله كان
طول سفره زيادة في ألمه وعذابه, ونزولا له الى أسفل: فالمسافر اما صاعد واما نازل,
وفي الحديث المرفوع:" خيركم من طال عمره وحسن عمله, وشرّكم من طال عمره وقبح
عمله" الترمذي في السنن 4\566 رقم 2330.


فالطالب الصادق في طلبه كلما خرب شيء من ذاته,
جعله عمارة لقلبه وروحه, وكلما نقص شيء من دنياه, جعله زيادة في آخرته, وكلما منع
شيئا من لذّات دنياه, جعله زيادة في لذّات آخرته. فنقصان بدنه ودنياه ولذته وجاهه
ورئاسته ان زاد في حصول ذلك وتوفيره عليه في معاده, كان رحمة به وخيرا له, والا
كان حرمانا وعقوبة على ذنوب ظاهرة أو باطنة, أو ترك واجب أو باطن, فن حرمان خير
الدنيا والآخرة مرتّب على هذه الأربعة, وبالله التوفيق.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:32 am

(فائدة) [118] مثل المرء في الحياة الدنيا كمثل مسافر
الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين, وليس لهم
حط رحالهم الا في الجنة أو في النار. والعاقل يعلم أ، السفر مبني على المشقّة
وركوب الأخطار. ومن المحال عادة أ، يطلب فيه نعيم ولذّة وراحة, انما ذلك بعد
انتهاء السفر. ومن المعلوم أن كل وطأة قدم, أ, كل آ، من آنات السفر غير واقفة, ولا
المكلف واقف, وقد ثبت أ،ه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر عليها من
تهيئة الزاد الموصل, واذا نزل أو نام أو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 11:35 am

[119] فائدة الاشتغال بالمشاهدة
عند العارفين أن الاشتغال بالمشاهدة عن الجد في
السير في السر وقوفه, لأنه في زمن المشاهدة لو كان صاحب عمل ظاهر أ, باطن أو
ازدياد من معرفة وايمان مفصّل كان أولى به, فان اللطيفة الانسانية تحشر على صورة
عملها ومعرفتها وهمّتها وارادتها, والبدن يحشر على صورة عمله الحسن أو القبيح.
واذا انتقلت من هذه الدار شاهدت حقيقة ذلك. وعلى قدر قرب قلبك من الله تبعد من
الأنس بالناس ومساكنتهم, وعلى قدر صيانتك لسرّك وارادتك يكون حفظه. وملا ذلك صحة
التوحيد, ثم صحّة العلم بالطريق, ثم صحة الارادة, ثم صحة العمل. والحذر كل الحذر
من قصد الناس لك واقبالهم عليك وأن يعثروا على موضع غرضك؛ فانها الآفة العظمى.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:13 pm

[120] (فائدة) الحذر من طريق الشيطان
كل ذي لب يعلم أنه لا طريق للشيطان عليه الا من ثلاث جهات:

أحدها: التزيّد والاسراف, فيزيد على قدر الحاجة فتصير فضلة وهي حظ الشيطان ومدخله الى
القلب, وطريق الاحتراز منه [عدم] اعطاء النفس تمام مطلبها من غذاء أو نوم أو لذة
أو راحة. فمتى أغلقت هذه الأبواب حصل الأمان من دخول العدو منه.


الثانبة: الغفلة, فان الذاكر في حصن الذكر, فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه
أو يصعب اخراجه.


الثالثة: تكلف ما لا يعنيه من جميع الأشياء
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:17 pm

121 فائدة طلب النفوذ الى الله والدار الآخرة
طالب النفوذ الى الله والدار الآخرة بل والى كل
علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به فيه, يحتاج أن يكون شجاعا
مقداما حاكما على وهمه, غير مقهور تحت سلطان تخيّله, زاهدا في كل ما سوى مطلوبه,
عاشقا لما توجه اليه, عارفا بطريق الوصول اليه والطرق والقواطع عنه, مقدام المهمة,
ثلبت الجأش, لا يثنيه عن مطلوبه لوم لائم, ولا عذل عاذل, كثير السكون, دائم الفكر,
غير مائل مع لذة المدح ولا ألم الذم,
قائما بما يحتاج اليه من أسباب معونته, لا تستفزه المعارضات, شعاره الصبر,
وراحته التعب, محبا لمكارم الأخلاق, حافظا لوقته, لا يخالط الناس الا على حذر,
كالطائر الذي يلتقط الحب بينهم, قائما على نفسه بالرغبة والرهبة, طامعا في نتائج
الاختصاص على بني جنسه, غير مرسل شيئا من حواسه عبثا, ولا مسرحا خواطره في مراتب
الكون. وملاك ذلك هجر العوائد, وقطع العلائق الحائلة بينك وبين المطلوب, وعند
العوام أ، لزوم الأدب مع الحجاب, خير من اطرح الأدب مع الكشف.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:20 pm

[122] فائدة) تواطؤ اللسان والقلب على ذكر الله
من الذاكرين من يبتديء بذكر اللسان وان كان على
غفلة, ثم لا يزال فيه حتى يحضر قلبه فيتواطأ على الذكر. ومنهم من لا يرى ذلك ولا
يبتديء على غفلة بل يسكن حتى حتى يحضر قلبه فيشرع في الذكر بقلبه, فاذا قوي استتبع
لسانه فتواطآ جميعا. فالأول ينتقل الذكر من لسانه الى قلبه. والثاني ينتقل من قلبه
الى لسانه, من غير أن يخلو قلبه منه, بل يسكن أولا حتى يحس بظهور الناطق فيه. فاذا
أحس بذلك نطق قلبه ثم انتقل النطق القلبي الى الذكر اللساني ثم يستغرق في ذلك حتى
يجد كل شيء منه ذكرا, وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان وكان من
الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:24 pm

[123] فصل أنفع الناس لك
أنفع الناس لك رجل مكّنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرا, أو تصنع اليه معروفا, فانه نعم
العون لك على منفعتك وكمالك. فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر. وأضر
الناس عليك من مكّن نفسه منك حتى تعصي الله فيه فانه عون لك على مضرّتك ونقصك.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:27 pm

فصل [124] اللذة المحرّمة ممزوجة بالقبح
اللذة المحرّمة ممزوجة بالقبح حال تناولها,
مثمرة للألم بعد انقضائها, فاذا اشتدّت الداعية منك اليها, ففكر في انقطاعها, وبقاء
قبحها وألمها, ثم وازن بين الأمرين, وانظر ما بينهما من التفاوت, والتعب بالطاعة
ممزوج بالحسن, مثمر للذة والراحة, فاذا ثقلت على النفس, ففكر في انقطاع تعبها,
وبقاء حسنها ولذتها وسرورها, ووازن بين الأمرين, وآثر الراجح على المرجوح, فان
تألّمت بالسبب, فانظر الى ما في السبب من الفرحة والسرور واللذة, يهن عليك
مقاساته, وان تألمت بترك اللذة المحرمة, فانظر الى الألم الذي يعقبه, ووازن بين
الألمين, وخاصيّة العقل تحصيل أعظم المنفعتين بتفويت أدناهما واحتمال أصغر الألمين
لدفع أعلاهما.


وهذا يحتاج الى علم بالأسباب ومقتضياتها, والى
عقل يختار به الأولى والأنفع له منها, فمن وفّر قسمه من العقل العلم اختار الأفضل
وآثره, ومن نقص حظه منهما أو من أحدهما اختار خلافه, ومن فكّر في الدنيا والآخرة
علم أنه لا ينال واحدا منهما الا بمشّقة, فليتحمّل المشقّة لخيرهما وأبقاهما.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:39 pm

[125] لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر
لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر, وله
عليه فيه نهي, وله فيه نعمة, وله به منفعة ولذة. فان قام لله في ذلك العضو بأمره,
واجتنب فيه نهيه, فقد أدّى شكر نعمته عليه فيه, وسعى في تكميل انتفاعه ولذته به,
وان عطّل أمر الله ونهيه فيه, عطّله الله من انتفاعه بذلك العضو, وجعله من أكبر
أسباب ألمه ومضرّته.


وله عليه في كل وقت من أوقاتته عبوديّة تقدمه
اليه, وتقرّبه منه, فان شغل وقته بعبودية الوقت, تقدم تاى ربه, وان شغله بهوى أو
راحة وبطالة تأخّر, فالعبد لا يزال في تقدّم أو تأخّر, ولا وقوف على الطريق
البتّة. قال تعالى:{ لمن شاء منكم أن يتقدّم أو يتأخّر} المدثر 37.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:43 pm

[125] لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر
لله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر, وله
عليه فيه نهي, وله فيه نعمة, وله به منفعة ولذة. فان قام لله في ذلك العضو بأمره,
واجتنب فيه نهيه, فقد أدّى شكر نعمته عليه فيه, وسعى في تكميل انتفاعه ولذته به,
وان عطّل أمر الله ونهيه فيه, عطّله الله من انتفاعه بذلك العضو, وجعله من أكبر
أسباب ألمه ومضرّته.


وله عليه في كل وقت من أوقاتته عبوديّة تقدمه
اليه, وتقرّبه منه, فان شغل وقته بعبودية الوقت, تقدم تاى ربه, وان شغله بهوى أو
راحة وبطالة تأخّر, فالعبد لا يزال في تقدّم أو تأخّر, ولا وقوف على الطريق
البتّة. قال تعالى:{ لمن شاء منكم أن يتقدّم أو يتأخّر} المدثر 37.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:53 pm

[126]فريق في الجنة وفريق في السعير
أقام الله سبحانه هذا الخلق بين الأمر والنهي, والعطاء والمنع. فافترقوا فرقتين:

فرقة قابلت أمره بالترك, ونهيه بالارتكاب, وعطاءه بالغفلة عن الشكر ومنعه بالسخط,
وهؤلاء أعداؤه, وفيهم من العداوة بحسب ما فيهم من ذلك.


وقسم قالوا: انما نحن عبيدك, فان أمرتنا سارعنا الى الاجابة, وان نهيتنا أمسكنا نفسنا,
وكففناها عمّا نهيتنا عنه, وان أعطيتنا حمدناك وشكرناك, وان منعتنا تضرّعنا اليك وذكرناك.
فليس بين هؤلاء وبين الجنة الا ستر الحياة الدنيا, فاذا مزّقه عليه الموت, صاروا
الى الحسرة والألم.


فاذا تصادمت جيوش الدنيا والآخرة في قلبك,
وأردت أن تعلم من أي الفريقين أنت, فانظر مع من تميل منهما, ومع من تقاتل, اذ لا
يمكنك الوقوف بين الجيشين, فأنت مع أحدهما لا محالة. فالفريق الأول استغشوا الهوى
فخالفوه, واستنصحوا بالعقل فشاوروه, وفرّغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له, وجوارحهم
للعمل بما أمروا به, وأوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة, واستظهروا على
سرعة الأجل بالمبادرة الى الأعمال, وسكنوا الدنيا وقلوبهم مسافرة عنها, واستوطنوا
الآخرة قبل انتقالهم اليها, واهتموا بالله على قدر حاجتهم اليه, وتزودوا للآخرة
على قدر مقامهم فيها, فجعل لهم سبحانه من نعيم الجنة وروحها أن آنسهم بنفسه, وأقبل
بقلوبهم اليه, وجمعها على محبته, وشوقهم الى لقائه, ونعمهم بقربه, وفرغ قلوبهم مما
ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا والهم والحزن على فوقها, والغم من خوف ذهابها,
فاستلانوا ما استرعوه المترفون, وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون, صحبوا الدنيا
بأبدانهم, والملأ الأعلى بأرواحهم.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 12:57 pm

[127] صفات التوحيد
التوحيد ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه, فأدنى
شيء يخدشه ويدنّسه ويؤثّر فيه, فهو كأبيض ثوب يكون, يؤثّر فيه أدنى أثر, وكالمرآة
الصافية جدا, أدنى شيء يؤثر فيها. ولهذا تشوشه الحظة واللفظة والشهوة الخفية, فان
بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده, والا اساحكم وصار طبعا يتعسّر عليه قلعه.


وهذه الآثار والطبوع التي تحصل فيه: منها ما
يكون سريع الحصول بطيء الزوال, ومنها ما يكون بطيء الحصول سريع الزوال, ومنا ما
يكون بطيء الحصول بطيء الزوال. ولكن من الناس ما يكون توحيده كبيرا عظيما, ينغمر
فيه كثير من تلك الآثار, ويستحيل فيه بمنزلة الماء الكثير الذي يخالطه أدنى نجاسة
أو وسخ, فيغتر به صاحب التوحيد الضعيف بما خلط به صاحب التوحيد العظيم الكثير
توحيده, فيظهر من تأثيره فيه ما لم يظهر في التوحيد الكثير. وأيضا فان المحل
الصافي جدا يظهر لصاحبه مما يدنّسه ما لا يظهر في المحل الذي لم يبلغ في الصفاء
مبلغه, فيتداركه بالزالة دون هذا فانه لا يشعر به أيضا فان قوة الايمان والتوحيد
اذا كانت قوية جدا أحالت المواد الرديئة وقهرتها, بخلاف القوة الضعيفة, وأيضا فان
صاحب المحاسن الكثيرة والغامرة للسيئات ليسامح بما لا يسامح به من أتى مثل تلك
السيئات وليست له مثل المحاسن, كما قيل:


واذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع

وأيضا فان صدق الطلب, وقوة الارادة, وكمال
الانقياد يحيل تلك العوارض والغواشي الغريبة الى مقتضاه وموجبه, كما أن الكذب,
وفساد القصد, وضعف الانقياد يحيل الأقوال والأفعال الممدوحة الى مقتضاه وموجبه, كما
يشاهد ذلك في الأخلاط الغالبة, واحالتها لصالج الأغذية الى طبعها.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:01 pm

[128] فائدة ترك الشهوات لله
ترك الشهوات لله وان أنجى من عذاب الله وأوجب
الفوز برحمته, فذخائر الله, وكنوز البر, ولذة الأنس, والشوق اليه, والفرح
والابتهاج به, لا تحصل في قلب فيه غيره, وان كان من أهل العبادة والزهد والعلم,
فان الله سبحانه أبى أ، يجعل ذخائره في قلب فيه سواه, وهمّته متعلّقة بغيره, وانما
يودع ذخائره في قلب يرى الفقر غنى مع الله, والغنى فقرا دون الله والعز ذلا دونه,
والذل عزا معه, وبالجملة, فلا يرى الحياة الا به ومعه, والموت والألم والهم والغم
والحزن, اذا لم يكن معه, فهذا له جنتان جنة في الدنيا معجلة, وجنة يوم القيامة
مؤجلة.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:04 pm

[129] فائدة الانابة اليه تعالى
الانابة هي عكوف القلب على الله عز وجل كاعتكاف
البدن في المسجد لا يفارقه. وحقيقة ذلك عكوف القلب على محبّته, وذكره بالاجلال
والتعظيم, وعكوف الجوارح على طاعته, بالاخلاص له, والمتابعة لرسوله صلى الله عليه
وسلم, ومن لم يعكف قلبه على الله وحده, عكف على التمائيل المتنوعة, كما قال امام
الحنفاء لقومه:{ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} آل عمران 67. فاقتسم هو
وقومه حقيقة العكوف, فكان حظ قومه العكوف على التماثيل, وكان حظه العكوف على الرب
الجليل. والتماثيل جمع تمثال, وهي الصور الممثلة. فتعلق القلب بغير الله, واشتغاله
به, والركون اليه, عكوف منه على التمائيل التي قامت بقلبه, وهو نظير العكوف على
تماثيل الأصنام, ولهذا كان شرك عبادة الأصنام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وارادتهم على
تماثيلهم, فاذا كان في القلب تماثيل قد ملكته واستعبدته بحيث يكون عاكفا عليها,
فهو نظير عكوف الأصنام عليها, ولهذا سمّاه النبي صلى الله عليه وسلم عبدا لها ودعا
عليه بالتعس والنكس فقال:" تعس عبد الدينار, تعس عبد الدرهم, تعس وانتكس واذا
شيك فلا انتقش" البخاري في كتاب الجهاد 6\81 رقم (2887).


والناس في هذه الدار على جناح سفر كلهم, وكل
مسافر فهو ظاعن مقصده ونازل على من يسرّ بالنزول عليه, وطالب الله والدار الآخرة
انما هو ظاعن الى الله في حال سفره ونازل عليه عند القدوم عليه, فهذه همته في سفره
وفي انقضائه:{ يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي الى ربك راضية مرضية * فادخلي في
عبادي * وادخلي جنّتي}الفجر 27 -30. وقالت امرأة فرعون:{ رب ابن لي عندك بيتا في
الجنة} التحريم 11, فطلبت كون البيت عنده قبل طلبها أن يكون في الجنة, فان الجار
قبل الدار.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:07 pm

[130] من كلام أحد الصالحين
قيل لي في نوم كاليقظة أو يقظة كالنوم.

لا تبد فاقة الى غيري فأضاعفها عليك مكافأة
لخروجك عن حدك في عبوديتك.


ابتليتك بالقر لتصير ذهبا خالصا فلا تزيفن بعد السبك.

حكمت لك بالفقر ولنفسي الغنى, فان وصلتها بي
وصلتك بالغنى, وان وصلتها بغيري حسمت عنك مواد معونتي طردا لك عن بابي.


لا تركنن الى شيء دوننا فانه وبال عليك, وقاتل
لك. وان ركنت الى العمل ردنناه عليك, وان ركنت الى المعرفة نكرناها عليك, وان ركنت
الى الوجد استدرجناك فيه, وان ركنت الى العمل أوقفناك معه, وان ركنت الى المخلوقين
وكلناك اليهم, ارضنا لك ربا نرضاك لنا عبدا.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:12 pm

[131] فائدة الشهقة التي تعرض عند سماع القرآن أو غيره
لها أسباب: أحدها: أن يلوح له عند السماع درجة ليست له,
فيرتاح اليها, فتحدث الشهقة, فهذه شهقة شوق.


وثانيها: أنيلوح له ذنب ارتكبه, فيشهق خوفا
وحزنا على نفسه, وهذه شهقة خشية.


وثالثها: أن يلوح له نقص فيه لا يقدر على دفعه
عنه, فيحدث له ذلك حزنا. فيشهق شهقة حزن.


ورابعها: أن يلوح له كمال محبوبه, ويرى الطريق
اليه مسدودة عنه, فيحدث ذلك شهقة أسف وحزن.


وخامسها: أن يكون قد توارى عنه محبوبه, واشتغل
بغيره, فذكره السماع محبوبه, فلاح له جماله, ورأى الباب مفتوحا والطريق ظاهرة,
فشهق فرحا وسرورا بما لاح له.


وبكل حال فسبب الشهقة قوة الوارد, وضعف المحل
عند الاحتمال. والقوة أن يعمل ذلك الوارد عمله داخلا ولا يظهر عليه, وذلك أقوى له
وأدوم, فانه اذا أظهره ضعف أثره وأوشك انقطاعه. هذا حكم الشهقة من الصادق, فان
الشاهق اما صادق واما سارق واما منافق.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:17 pm

[132]قاعدة نافعة الفكر مبدأ الارادة وهو أصل الخير والشر
أصل الخير والشر من قبل التفكّر, فن الفكر مبدأ
الارادة والطلب في الزهد والترك والحب والبغض. وأنفع الناس الفكر الفكر في مصالح
المعاد وفي طرق اجتلابها وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها, فهذه أربعة أفكار
من أجل الأفكار. ويليها أربعة: فكّر في مصالح الدنيا وطرق تحصيلها, وفكّر في مفاسد
الدنيا وطرق الاحتراز منها, فعلى هذه الأقسام الثمانية دارت أفكار العقلاء. ورأس
القسم الأول الفكر في آلاء الله ونعمه, وأمره ونهيه, وطرق العلم به وبأسمائه
وصفاته من كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما والاهما, وهذا الفكر يثمر
لصاحبه المحبة والمعرفة. فاذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها, وفي الدنيا خستها
وفنائها, أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة, والزهد في الدنيا, وكلما فكّر في قصر
الأمل, وضيق الوقت, أورثه ذلك الجد والاجتهاد, وبذل الوسع في اغتنام الوقت.


وهذه الأفكار تعلي همّته, وتحييها بعد موتها,
وسفولها, وتجعله في واد والناس في واد. وبازاء هذه الأفكار الرديئة التي تجول في
قلوب أكثر هذا الخلق, كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه, ولا أعطى الاحاطة به من فضول
العلم الذي لا ينفع, كالفكرفي كيفية ذات الرب وصفاته, مما لا سبيل للعقول الى
ادراكه, ومنها الفكر في الصناعات الدقيقة التي لا تنفع بل تضر, كالفكر في الشطرنج
والموسيقى وأنواع الأشكال والتصاوير.


ومنها الفكر في العلوم التي لو كانت صحيحة لم
يعط الفكر فيها النفس كمالا ولا شرفا, كالفكر في دقائق المنطق والعلم الرياضي
والطبيعي, وأكثر علوم الفلاسفة التي لو بلغ الانسان غاياتها لم يكمل بذل ولم يزك بنفسه.


ومنها الفكر في الشهوات واللذات وطرق تحصيلها,
وهذا وان كان للنفس فيه لذة لكن لا عاقبة له, ومضرّته في عاقبة الدنيا قبل الآخرة
أضعاف مسرّته. ومنها الفكر فيما لم يكن لو كان كيف كان يكون, كالفكر فيما اذا صار
ملكا, أو وجد كنزا, أو ملك ضيعة, ماذا يصنع؟ وكيف يتصرّف, ويأخذ, ويعطي, وينتقم؟
نحو ذلك من أفكار السفل. ومنها الفكر في جزئيات أحوال الناس ومداخلهم ومخارجهم
وتوابع ذلك من فكر النفوس المبطلة الفارغة من الله ورسوله والدار الآخرة. ومنها
الفكر في أنواع الشعر وصروفه وأفانينه في المدح والهجاء والغزل والمراثي ونحوها,
فانه يشغل الانسان عن الفكر فيما فيه سعادته وحياته الدائمة. ومنها الفكر في
المقدرات الذهنية التي لا وجود لها في الخارج ولا بالناس حاجة اليها البتة, وذلك
موجود في كل علم حتى في علم الفقه والأصول والطب, فكل هذه الأفكار مضرّتها أرجح من
منفعتها ويكفي في مضرّتها شغلها عن الفكر فيما هو أولى به وأعود عليه بالنفع عاجلا وآجلا
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفوائد لابن القيم!!! - صفحة 3 Empty رد: كتاب الفوائد لابن القيم!!!

مُساهمة من طرف ود..نقد الإثنين يونيو 14, 2010 1:21 pm

[133] (قاعدة) الطلب لقاح الايمان
الطلب لقاح الايمان, فاذا اجتمع الايمان والطلب
أثمرا العمل الصالح. وحسن الظن بالله لقاح الافتقار والاضطرار اليه, فاذا اجتمعا
أثمرا اجابة الدعاء. والخشية لقاح المحبة, فاذا اجتمعا أثمرا امتثال الأوامر
واجتناب المناهي. والصبر لقاح اليقين, فاذا اجتمعا أورثا الامامة في الدين, قال
تعالى:{ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}
السجدة24. وصحة الاقتداء بالرسول لقاح الاخلاص, فاذا اجتمعا أثمرا قبول العمل والاعتداد به.


والعمل لقاح العلم, فاذا اجتمعا كان الفلاح
والسعادة, وان انفرد أحدهما عن الآخر لم يفد شيئا. والحلم لقاح العلم, فاذا اجتمعا
حصلت سيادة الدنيا والآخرة حصل الانتفاع بعلم العالم, وان انفرد أحدهما عن صاحبه
فات النفع والانتفاع. والعزيمة لقاح البصيرة, فاذا اجتمعا نال صاحبهما خير الدنيا
والآخرة وبلغت به همّته من العلياء كل مكان.


فتخلف الكمالات اما عن عدم البصيرة واما عن عدم العزيمة.

وحسن القصد لقاح لصحة الذهن, فاذا فقدا فقد
الخير كله واذا اجتمعا أثمرا أنواع الخيرات. وصحة الرأي لقاح الشجاعة, فاذا اجتمعا
كان النصر والظفر, وان فقدا فالخذلان والخيبة, وان وجد الرأي بلا شجاعة فالجبن
والعجز, وان حصلت الشجاعة بلا رأي فالتهوّر والعطب. والصبر لقاح البصيرة, فاذا
اجتمعا فالخير في اجتماعهما.


قال الحسن: اذا شئت أن ترى بصيرا لا صبر له
رأيته, واذا شئت أن ترى صابرا لا بصيرة له رأيته, فاذا رأيت صابرا بصيرا فذاك.


والنصيحة لقاح العقل, فكلما قويت النصيحة قوي
العقل واستنار. والتذكّر والتفكّر كل منهما لقاح الآخر, اذا اجتمعا أنتجا الزهد في
الدنيا والرغبة في الآخرة. والتقوى لقاح التوكل, فاذا اجتمعا استقام القلب. ولقاح
أخذ الهبة الاستعداد لقصر الأمل, فاذا اجتمعا فالخير كله في اجتماعهما والشر في
فرقتهما. ولقاح الهمّة العالية النيّة الصحيحة, فاذا اجتمعا بلغ العبد غاية
المراد.
ود..نقد
ود..نقد
مشرف القسم الثقافي

عدد الرسائل : 3199
الإسم الكامل : وجدي الطيب نقد نقد مصطفى
نقاط : 10125
تاريخ التسجيل : 05/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 3 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى