نقطة عطر/ حنيني ليك

الدناقلة وما تحوي من هذا النسيج المطرز المتناغم دائماً يشدني اليها الحنين، والحنين ليس جدولاً ينساب من بين الزروع ماؤه رقراق وصوته خرير، ولاهو نسمات رياح سكرا تعبث بذوائب الشعر  فتحركها دون أن تبعثرها، وكذلك ليس هو هتان المطر الذي يروي (البلدات والجروف) ولايكاد يبلل من تعرض له(كم تعرضنا للبلل في الطلحة وودحماد).
 الحنين قد يكون لذكري حدثت في وقت مضي، شاي صباح أمي المتوفاة عليها رحمة الله، مناداة وصوت صديقي(عليه رحمة ونور)الذي غيبة الموت عني لأكثر من خمس وعشرين عاماً(عمادالدين الشيخ)ولا املك إلا الدعاء له عند كل صلاة،أو ربما الحنين لذاك المزيج بين رائحة الدعاش والنال وأشجار النيم وحبات الزونيا وأغنية (حنيني ليك وليل الغربة أضناني) للرائع محمد ميرغني.
 وأيضاً الحنين قد يكون لشيْء لم يحدث ،أمل امنية لشدة ما تمنيناها صارت قطعة منا وصار عبورها علي الذاكرة يعادل حنيناً طاغياً يسلب سكينة اللحظة، لكنه بوجه عام  هو جسر عبور تهديه لنا الدنيا لنعبر منه من واقعنا الممل في حياتنا المتعبة إلي مساحة حرة تسمح لتنفسنا بالإنتظام مهما ماج وإضطرب،،وتسمح لعيوننا أن تتصالح مع الفضاء والليل والغمام والقمر مهما كانت الرؤية صعبة أو تكاد تكون مستحيلة بفعل البحلقة في شاشات الإل إي  دي والإل سي دي ، وكذلك تسمح لاذاننا أن تستعيد عافيتها وتعيد شريطاً تمتزج فيه الأصوات مهما كانت متناغمة أو متنافرة كأن نسمع في عز الليل وفي تلك الليالي القمرية صوت عودة الأغنام وهي تنادي علي صغارها وصوت القادم من الجرف راكباً حمارة يترنم بإغنية أو دوبيتة، او سماع شلة الأنس والطرب الجميل من أمام راكوبة حاجة مكة (عليها رحمة الله) تغني بصوت عزالدين الحاج تصاحبة الفرقة الموسيقية عزيز بله في الإيقاع(عزيز بنقز)والسماني علي الحسن واحمد الحاج وعبدالعظيم عبدالرحمن وعمار خضر   في الكورس وأغنية الليله وين يالبي العصر مرورو التي كتب عنها رفقي عصام حسن في موضوع سابق(بالله عليك سمعتها بصوت عزالدين الحاج؟) أو سماع أخونا الأكبر بابكر ودالعبد ومحمد ودالسافل فى رائعتهم الكنينة وأذكر أنه تغني بها في زواج إبنته سمية فشدني الحنين لتلك الأيام وهاجت الذكري ولم أنم تلك الليلة.
 أحياناً تسطع شرارة الحنين بلا مبرر فتنهال كالمطر وتتلاحق في سلاسل قد لا يربط بينهما زمان ومكان إلا وأنك كنت يوماً طرفاً مشتركاً فيها.
   الحنين شعور فائق قد يملكنا كالطفل شديد الدلال نلبي كل طلباتة ونصدع لرغباتة ولكن سعداء،الحنين هو إحدي رحمات رب العالمين التي نحتاجها بين الحين والآخر لتذكرنا بأننا فعلنا أشياء أحببناها أو أشياء خجلنا منها، وعرفنا وعايشنا أناساً أحببناهم وأحبونا وأننا كنا نضحك ملْء شفاهنا ونبكي ملْء عيوننا ونشتاق ملْء قلوبنا ونتمني ملْء أحلامنا فالحنين صنو أن تكون إنسانا ما أعظمة من نعمة .

الوريف .. الشفيف جداً : أبوعبيده بن الجراح
لكم أمتعنى وأشبعنى ذلكم السرد المنسدل من ذاكرتكم العملاقة وروحكم الجميلة ...
العزيز دوماً (إبن خالتى) :
الأجمل فى سردك القصصى أن القارئ لمدوناتك يجد نفسه بطل من ضمن أفراد وشخصيات القصة .. بل احياناً يعتقد القارئ بان ماتسطره هو جذء من تفاصيل عايشها او كان يتمنى أن يعيشها فى إعوام مضت
شدّ ما أدهشنى تصويرك للكلمات وتطويعها كيف شئت مثلاً ريحت الدعاش , الجروف , البلدات (الطلحه ود حماد)
حقيقى لا أدرى ماذا اكتب لان الحروف والكلمات تعجز حينما تكتب انت
فلك منى أجمل التحيات واندى الكلمات متمنياً أن يمتعك الله بوافر الصحة والعافية وأن يديم علينا نعمة نقاط حبرك التى لا تُمل ولا يشبع منها
فى الختام تقبل خالص مودتى وشديد تقديرى وإعجابى بحروفك وسردك المدهش
المشتاق( دومن )دوماً كما يحلو للعزيز ابوخاتم أن يكتبها. لحروفك الرائعة روعت تفاصيلك
طلال

الانيق دومآ الخال ابوعبيده البشير " بن الجراح " ...
حياك الله وابقاك وان حديثك لشيق وممتع واني لقد اشتقت لحديثك هذا الى البلدات والجروف . انه زمن جميل وكانت فيه الحياة بسيطه وكنا في ذلك الزمان ناتي بي بويكه الخلاء وكان لها طعم خاص وايضآ الخدره كان لهما طعم جميل وايضآ " ام بنه " وكنا برقم من التعب الجسدي والبدني الا ان الانسان كان مبسوط جدآ جدآ وياتي من الخلاء منهكآ مع ذلك لا يذهب للنوم وانما يذهب الى الرفاق ليلعب ويمرح حتى منتصف الليل ومن ثم نتوجه للنوم وبعمق .


لك جزيل الشكر ووافر الاحترام والتقدير ...